لَيسَ عِندَهم خَمْر «متفرقات
تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر يوم الأحد صلاة التبشير الملائكيّ مع وفود الحجّاج والمؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس بالفاتيكان؛ وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة استهلّها بالقول:
يوم الأحد الماضي، مع عيد عماد الربّ بدأنا مسيرة زمن السنة الليتورجيّ: الزمن الذي نتبع خلاله يسوع في حياته العلنيّة وفي الرِّسالة التي أرسله الآب من أجلها إلى العالم. نجد في إنجيل يوحنا (2/ 1 -11) رواية أولى عجائب يسوع. تتمُّ أولى هذه الآيات في قرية قانا، في الجليل، خلال حفلة عرس.
وبالتالي ليس من باب الصدفة أنَّ تبدأ حياة يسوع العلنيّة في حفلة زفاف، لأنَّ الله به قد اقترن بالبشريّة: وهذه هي البُشرى السَّارة، حتى وإن كان الذين دعوه لا يعرفون بعد أن ابن الله يجلس إلى مائدتهم وأنّه هو العريس الحقيقيّ. إنَّ آية قانا كلّها في الواقع تقوم على حضور هذا العريس الإلهيّ الذي بدأ يظهر. يسوع يظهر كعريس شعب الله، الذي أعلنه الأنبياء ويظهر لنا عمق العلاقة التي تجمعنا به: إنّها عهد محبّة جديد.
في إطار العهد يمكننا أن نفهم بالكامل معنى رمز الخمر، محور هذه الآية. عندما بلغت هذه الحفلة ذروتها، فرغت الخمر، تنبّهت العذراء وقالت ليسوع: "لَيسَ عِندَهم خَمْر". يشير الكتاب المقدّس، ولاسيّما الأنبياء إلى الخمر كعنصر نموذجيّ للوليمة المسيحانيّة. الماء ضروريّ لكي نحيا ولكنَّ الخمر تعبّر عن وفرة الوليمة وفرح العيد. بتحويله إلى خمر ماء أَجْران الحَجَر التي تُستعمل "لِما تَقْتَضيه الطَّهارةُ عِندَ اليَهود" يقوم يسوع بآية بليغة: يحوّل شريعة موسى إلى إنجيل، حامل فرح.
تأتي الكلمات التي وجّهتها مريم للخدم لكي تكلل إطار عرس قانا: "مَهما قالَ لَكم فافعَلوه". هذه الكلمات هي إرث ثمين تركته لنا أمّنا. في الواقع يطيع الخدم في قانا: "قالَ يسوعُ لِلخَدَم: «اِمْلأُوا الأَجرانَ ماءً». فمَلأُوها إِلى أَعْلاها. فقالَ لَهم: «اِغرِفوا الآنَ وناوِلوا وَكيلَ المائِدَة». فناوَلوه". في هذا العرس يعقد عهد جديد ولخدام الرب، أي إلى الكنيسة بأسرها توكَل رسالة جديدة: "مَهما قالَ لَكم فافعَلوه".
إنَّ خدمة الرّب تعني أن نصغي ونضع كلمته قيد التطبيق. إنّها الوصيّة البسيطة والجوهريّة لأمِّ يسوع، إنّها برنامج حياة المسيحيّ. إنَّ الاستقاء من الأجران يعني، لكلِّ فرد منّا، الاتّكال على الكلمة والأسرار لكي نختبر نعمة الله في حياتنا. عندها يمكننا أن نقول نحن أيضًا على مثال وكيل المائدة الذي ذاقَ الماءَ الَّذي صارَ خَمْرًا: "أَنتَ، حَفِظتَ الخَمرَةَ الجَيِّدَةَ إِلى الآن".
بعد صلاة التبشير الملائكيّ حيَّا الأب الأقدس المؤمنين المحتشدين في ساحة القدّيس بطرس وقال أحمل ألمين في قلبي كولومبيا والبحر الأبيض المتوسّط. أرغب في أن أؤكِّد قربي من الشّعب الكولومبي، بعد الاعتداء الإرهابي الخطير يوم الخميس الماضي في مدرسة الشرطة الوطنيّة. أصلّي من أجل الضحايا ومن أجل عائلاتهم وأتابع الصلاة من أجل مسيرة السلام في كولومبيا. أفكر بالمائة وسبعين ضحيّة الذين غرقوا في البحر الأبيض المتوسط. لقد كانوا يبحثون عن مستقبل لحياتهم. ربما كانوا ضحايا لتجار الكائنات البشريّة. نصلّي من أجلهم ومن أجل المسؤولين عمّا حصل.
بعد بضعة أيّام سأنطلق إلى باناما حيث من الثاني والعشرين وإلى السابع والعشرين من كانون الثاني يناير سيُعقد اليوم العالمي للشباب. أسألكم أن تصلّوا من أجل هذا الحدث الجميل والمهمّ في مسيرة الكنيسة.
ستصدر في هذا الأسبوع رسالة اليوم العالمي لوسائل التواصل الاجتماعي التي تحتوي هذا العام على تأمُّل حول جماعة الشبكة والجماعة البشريّة. الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي هما مورد لزمننا، ومناسبة لنكون في تواصل مع الآخرين، لنتقاسم معهم القيم والمشاريع ولنعبّر عن رغبتنا في إقامة جماعة. يمكن للشبكة أن تساعدنا أيضًا لنصلّي معًا لذلك أريد أن أقدّم لكم التطبيق الرسمي للشبكة العالمية للصلاة من أجل البابا "Click to pray" والتي سأُدخل فيها نوايا وطلبات الصلاة من أجل رسالة الكنيسة. أدعو الشباب خاصة لتحميل هذا التطبيق ولكي يستمرّوا معي بصلاة مسبحة الورديّة من أجل السلام ولاسيما خلال اليوم العالمي للشباب في باناما.
يُحتفل في الرابع والعشرين من كانون الثاني يناير باليوم العالمي الأول للتربية الذي أسسته هيئة الأمم المتحدة لتسلِّط الضوء وتعزز الدور الأساسي للتربية في التنمية البشريّة والاجتماعية. أشجّع في هذا المجال جهد اليونسكو لكي تنمّي في العالم السلام من خلال التربية، وأتمنّى أن تصبح التربية في متناول الجميع وأن تكون شاملة وحرّة من الاستعمارات الإيديولوجية.
إذاعة الفاتيكان.