لدينا رسالة مشتركة في نقل الرحمة «متفرقات
أيّها الإخوة والأخوات الأحباء، صباح الخير!
لقد سمِعنا النصَّ الكتابيّ الذي يقودُ التأمّلَ هذه السنة، خلال أسبوع الصّلاة من أجل وحدة المسيحيّين، الذي يقع بين الثامن عشر من الشّهر الحالي وحتى الخامس والعشرين منه، أي هذا الأسبوع.
تمّ اختيار هذا المقطع من رسالة القدّيس بطرس الأولى "أَمَّا أَنْتم فجيلٌ مُخْتارٌ، كهنوتٌ مُلوكيّ، أُمَّةٌ مُقدَّسَةٌ، وشَعْبٌ مُقْتنًى: لتُشيدوا بحَمْدِ الذي دعاكم منَ الظُّلمةِ الى نورِهِ العجيب، أَنتمُ الذينَ لم يكونوا مِن قبْلُ شَعْبًا، وأَمَّا الآنَ فشعبُ الله؛ ولم يَكونوا مَرْحُومِينَ، وأَمَّا الآنَ فَمَرْحومون" (1 بطرس 2، 9-10)، من قِبَلِ جماعة مسكونيّة ليتونيّة، وقد حمّلها هذه المسؤوليّةَ المجلسُ المسكونيّ للكنائس بالاشتراك مع المجلس الحبريّ لتعزيز وحدة المسيحيّين.
يوجد في وسط كاتدرائيّة ريغا اللوثريّة جرن معموديّة يعود للقرن الثاني عشر، إلى الزّمن الذي تمّ فيه تبشير ليتونيا من قِبَلِ القدّيس مايناردو. ويمثّل هذا الجرن علامة بليغة لأصلٍ إيمانيٍّ يعترف به جميع المسيحيّين الليتونيّين، من كاثوليك ولوثريّين وأرثوذوكس.
وهذا الأصل هو معموديّتنا المشترك. ويؤكّد المجمع الفاتيكانيّ الثاني أن "المعموديّة تكوّن رباطَ الوحدة السرّي بين سائر الذين، بواسطته، قد وُلِدُوا من جديد" (استعادة الوحدة، 22). إنّ رسالة القدّيس بطرس الأولى هي موجّهة إلى مسيحيّي الجيل الأوّل كي يُدركوا قيمة الهبة التي نالوها في المعموديّة وكذلك الواجبات التي تنحدر عنها. وإنّنا نحن أيضًا، في أسبوع الصَّلاة هذا، مدعوّون إلى اكتشافِ كلّ هذا مجدّدا، وإلى القيام به سويّا متخطّين انقساماتنا.
إنّ المشاركة بالمعموديّة تعني قبل كلّ شيء، أنّنا جميعًا خطأة وبحاجة أن نُخَلَّص، ونُفتَدى، وأن نُحرَّرَ من الشّر. هذا هو الجانب السَّلبي الذي تسمّيه رسالة القدّيس بطرس الأولى "الظلمات" حين تقول: "دَعاكم [الله] مِنَ الظُّلُماتِ إِلى نُورِه العَجيب" (آية 9). هذا هو اختبار الموت، الذي تبنّاه يسوع، والذي يرمز إليه، خلال المعموديّة، الانغماس في المياه ومن ثم الخروج منها، رمز القيامة للحياة الجديدة في المسيح.
عندما نقول نحن المسيحيّين بأنّنا نتشارك بمعموديّة واحدة، إنّنا نؤكّد أنّنا جميعنا - كاثوليك وبروتستانت وأرثوذوكس - نتشارك باختبار كوننا مدعوّين من الظلمات القاسية والمستَبعِدة إلى اللقاء بالله الحيّ، المملوء بالرّحمة. إنّنا جميعًا وللأسف نعيشُ اختبارَ الأنانيّة التي تولّد الإنقسام والإنغلاق والإحتقار.
أن ننطلق من جديد من المعموديّة يعني أن نجد من جديد مصدر الرّحمة، وهي مصدر الرّجاء للجميع، لأنّه ما من أحد مستبعد من قِبَلِ رحمة الله!
إنّ فعل المشاركةِ بهذه النّعمة يخلقُ بيننا، نحن المسيحيّين، رباطًا غيرَ قابلٍ للحلّ، لدرجة أنّه يُمكننا، بحكم المعموديّة، أن نعتبر بأنّنا جميعًا إخوة حقًّا. إنّنا حقًّا شعبُ الله المُقدس، حتى وإن كنّا لسنا بعد، بسبب خطايانا، شعبًا موحّدًا بالكامل.
فرحمة الله، الفاعلة في المعموديّة، هي أقوى من انقساماتنا. وعلى قدر ما نقبل نعمة الرّحمة، على قدر ما نصبح، أكثر فأكثر، شعب الله بالتمام، كما ونصبح قادرين أيضًا على أن نبشّر الجميع بأعماله الرائعة، وبالتحديد انطلاقـًا من شهادة أخويّة بسيطة للوحدة.
باستطاعتنا نحن المسيحيّين أن نبشّر الجميع بقوّة الإنجيل عبر التزامنا في المشاركة بأعمال الرّحمة الجسديّة والروحيّة. وهذه هي شهادة ملموسة للوحدة بيننا نحن المسيحيّين: كاثوليك وبروتستانت وأرثوذوكس.
وفي الختام، أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، لقد نلنا، نحن المسيحيّين جميعًا، بنعمة المعموديّة، رحمةَ الله، وقد تمّ قبولنا في شعبه. إنّنا جميعنا، كاثوليك وبروتستانت وأرثوذوكس، نكوّن كهنوتًا ملكيًّا وأمّة مقدّسة.
وهذا يعني أنّه لدينا مهمّة مشتركة، وهي أن ننقل الرّحمة التي نلناها إلى الآخرين، إنطلاقـًا من الفقراء والمتروكين. لنصلّ خلال أسبوع الصّلاة هذا، كي نجد، نحن كلّنا تلاميذ المسيح، سبيلًا للتعاون مع بعضنا البعض على حمل رحمة الآب إلى جميع أنحاء الأرض.
موقع الكرسي الرسولي.