كلمة قداسة البابا قبل صلاة التبشير الملائكي «متفرقات
تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر الأحد صلاة "إفرحي يا ملكة السماء" مع المؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها في إنجيل هذا الأحد بعد أن شبّه نفسه بالكرمة وشبّهنا بالأغصان يشرح لنا يسوع ما هي الثمرة التي يحملها الذين يثبتون فيه: هذه الثمرة هي الحب. ويكرّر مرّة أخرى الفعل الأساسي: أثبتوا. ويدعونا لكي نثبت في محبّته لِيَكونَ فرحنا به ويَكونَ فَرحُنا تامًّا.
يمكننا أن نسأل أنفسنا: ما هو هذا الحب الذي يقول لنا يسوع أن نثبت فيه لكي يكون لنا فرحه؟ إنّه الحب الذي يجد مصدره في الآب لأنّ "الله محبّة". ومثل نهر يجري في الابن يسوع ومن خلاله يصل إلينا نحن خلائقه، فهو يقول في الواقع: "كما أَحَبَّني الآب فكذلكَ أَحبَبتُكم أَنا أَيضًا". إنَّ المحبّة التي يعطينا يسوع إياها هي المحبّة عينها التي يحبّه الآب بها: حب طاهر، غير مشروط ومجاني. بإعطائنا إياه، يعاملنا يسوع كأصدقاء، ويجعلنا نعرف الآب، ويشركنا في رسالته من أجل حياة العالم.
وكيف نثبتُ في هذه المحبّة؟ يقول لنا يسوع: "إِذا حَفِظتُم وَصايايَ تَثبُتونَ في مَحَبَّتي"، ووصاياه قد لخّصها في وصيّة واحدة وهي: " أَحِبُّوا بَعضُكم بَعضًا كما أَحبَبتُكم". أن نحبَّ كما يحب المسيح يعني أن نضع أنفسنا في خدمة الإخوة، تمامًا كما فعل هو نفسه في غسله أرجل التلاميذ. يعني أن نخرج من ذواتنا ونبتعد عن ضماناتنا البشريّة، وعن وسائل الراحة، لكي ننفتح على الآخرين، ولاسيما على الأشدّ عوزًا. هذا يعني أن نضع أنفسنا في استعداد تام، بما نحن عليه وما لدينا. هذا يعني أن نحب لا بالكلام وإنما بالأفعال.
أن نحبَّ مثل المسيح يعني أن نقول لا لأشكال الحب الأخرى التي يقدمها لنا العالم: حب المال، حب النجاح، وحب السلطة…. هذه المسارات الخادعة تُبعدنا عن محبة الرب وتحملنا لكي نصبح أكثر أنانية ونرجسية وتعجرفًا. والتعجرف يؤدّي إلى انحطاط الحب، والإساءة إلى الآخرين، وإلحاق الألم بالأشخاص الذين نحبّهم. أفكر في الحب المريض الذي يتحول إلى عنف - وكم من النساء هنَّ ضحايا له اليوم. هذا ليس حبًّا.
أن نحبَّ كما يحب الرب يعني أن نُقدِّر الشخص الذي بقربنا ونحترم حريته ونحبه كما هو وبشكل مجاني. بمعنى آخر، يطلب منا يسوع أن نُقيم في محبته، لا في أفكارنا، ولا في عبادة أنفسنا وأن نخرج من ادعائنا بالسيطرة على الآخرين وإدارة حياتهم. لا يجب أن نسيطر على الآخرين وإنما أن نخدمهم، ونفتح لهم قلوبنا ونبذل ذواتنا في سبيلهم. هذه هي المحبة.
أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، إلى أين يقودنا هذا الثبات في محبّة الرب؟ لقد قال لنا يسوع: "لِيَكونَ بِكُم فَرَحي فيَكونَ فَرحُكم تامًّا". إنَّ الفرح الذي يمتلكه الرب، لأنه في شركة كاملة مع الآب، يريده أيضًا أن يكون فينا بقدر ما نتّحد به. إن فرح أن نعرف بأننا محبوبون من الله على الرغم من عدم أمانتنا يجعلنا نواجه تجارب الحياة بإيمان، ويجعلنا نعبر الأزمات لكي نخرج منها أفضل. في عيش هذا الفرح، يقوم كوننا شهودًا حقيقيين، لأن الفرح هو العلامة المميزة للمسيحي.
لتساعدنا العذراء مريم لكي نثبت في محبّة يسوع وننمو في المحبة تجاه الجميع ونشهد لفرح الرب القائم من الموت.
إذاعة الفاتيكان.