"طوبى لِلرُّحَماء، فإِنَّهم يُرْحَمون" (متى 5، 7) «متفرقات
إستقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم السبت في قاعة كليمينتينا في القصر الرسوليّ بالفاتيكان أعضاء الهيئة اليسوعيّة لخدمة اللاجئين "JRS" بمناسبة الذكرى الخامسة والثلاثين على تأسيسها وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة استهلّها بالقول:
لقد أسّس الأب بيدرو آروبي الهيئة اليسوعيّة لخدمة اللّاجئين عندما كان رئيسًا عامًّا للرهبانيّة اليسوعيّة، فهو كان قد اختبر انفجار القنبلة النوويّة في هيروشيما وأدرك أبعاد ذاك النزوح المأساويّ للّاجئين، ورأى فيه تحدٍّ لا يمكن لليسوعيّين أن يتجاهلوه إذا أرادوا أن يبقوا أمناء لدعوتهم. ولذلك أراد الأب آروبي أن تجيب الهيئة اليسوعيّة لخدمة اللاجئين على الحاجات البشريّة والروحيّة للاجئين وبالتالي ليس فقط على حاجاتهم المُلحّة للطعام واللّجوء وإنّما أيضًا على ضرورة أن تُحترم كرامتهم البشريّة المجروحة وأن يتمّ الإصغاء إليهم وينالوا العزاء.
إنّ ظاهرة الهجرات القسريّة قد تزايدت اليوم بشكل مأساويّ. حشود من اللّاجئين تنطلق من بلدان متعدّدة من الشّرق الأوسط وأفريقيا وآسيا بحثًا عن ملجأ لها في أوروبا. إنّ المفوضيّة السّامية لشؤون اللّاجئين في هيئة الأمم المتحدة قد قدّرت عدد اللّاجئين في العالم بحواليّ الستين مليون لاجئًا وهو أعلى عدد يُسجّل منذ الحرب العالميّة الثانية. هناك أشخاص وراء هذه الإحصاءات، وكلّ منهم يملك إسمًا ووجهًا وتاريخًا وكرامته غير القابلة للتصرّف كإبن لله.
أنتم تعملون حاليًّا في عشرة أقاليم مختلفة بالإضافة إلى مشاريع في خمسة وأربعين بلدًا وترافقون اللاجئين والسّكان في الهجرات الداخليّة. لقد بقيتم أمناء دائمًا عبر الزمن لمثل الأب آروبي وللنقط الثلاثة الأساسيّة لرسالتكم: المرافقة والخدمة والدفاع عن حقوق اللّاجئين. إنّ خياركم في تأكيد حضوركم في الأماكن التي هي بأمسّ الحاجة وفي مناطق النزاعات قد جعلكم معروفين على نطاق دوليّ لقربكم من النّاس وقدرتكم على التعلّم منهم ما هي الأساليب الأفضل للخدمة.
إنّ الهيئة اليسوعيّة لخدمة اللاجئين تعمل لتقديم رجاء ومستقبل للاجئين لاسيّما من خلال خدمة التربية التي تشمل عددًا كبيرًا من الأشخاص وتأخذ أهميّة خاصّة. إنّ تقديم التربية هو أكثر من مجرّد توزيع نظرّيات ومفاهيم. إنّها عمليّة تقدّم للاجئين أسبابًا للذهاب أبعد من مجرّد البقاء على قيد الحياة ليحافظوا على شعلة الرّجاء متّقدة ويؤمنوا بالمستقبل ويقوموا بمشاريع. أن تعطوا طفلاً مقعدًا في المدرسة هي الهديّة الأجمل التي بإمكانكم أن تقدّموها؛ وجميع برامجكم تهدف لهذا الأمر: مساعدة اللاجئين لينموا في الثقة بأنفسهم ويحقـّقوا الإمكانات القصوى لديهم ويصبحوا قادرين على الدفاع عن حقوقهم كأفراد وجماعة.
بالنسبة للأطفال المجبرين على الهجرة تشكّل المدارس فسحات حريّة، لأنّ الأساتذة خلال الحصص يعتنون بهم ويحموهم. ولكن للأسف نعرف جيّدًا أنّ هذه الإعتداءات التي تزرع العنف لا تستثني حتّى المدارس. فيما ينبغي أن تكون القاعات الدراسيّة أماكن مقاسمة، حتّى مع أطفال من ثقافات وإثنيات وديانات مختلفة وحيث يتمّ إتّباع نمط طبيعيّ ونظام مريح يسمحان للأطفال بالشّعور مجدّدًا بأنّهم "أطفال عاديّين" ويجعلان الأهل سعداء لمعرفتهم بأنّ أبناءهم يتابعون دراستهم.
يقدّم التّعليم للاجئين الصّغار طريقـًا ليكتشفوا دعوتهم الحقيقيّة وينمّوا إمكانيّاتها. ومع ذلك لا يزال هناك العديد من الأطفال والشباب اللاجئين الذين لا ينالون تربية ذات نوعيّة، كما وإنّ الحصول على التربية لا يزال محدودًا لاسيّما بالنسبة للفتيات والمدارس الثانويّة، لذلك وخلال اليوبيل المقبل للرّحمة أخذتم على عاتقكم هدف مساعدة حواليّ مائة ألف شاب لاجئ ليذهبوا إلى المدارس. إن مبادرتكم "تربية عالميّة" والتي تحمل شعار "لنُفعِّل الرّحمة" ستجعلكم قادرين على الوصول إلى العديد من التلاميذ الآخرين الذين يحتاجون لتربية تقيهم من الأخطار.
وختم البابا فرنسيس كلمته لأعضاء الهيئة اليسوعيّة لخدمة اللاجئين بالقول وإذ تتابعون عملكم في تربية اللاجئين فكّروا بالعائلة المقدّسة العذراء والقدّيس يوسف والطفل يسوع الذين هربوا إلى مصر لينجوا من العنف ويبحثوا عن مأوى في أرض غريبة وتذكروا كلمات يسوع: "طوبى لِلرُّحَماء، فإِنَّهم يُرْحَمون" (متى 5، 7). احملوا في داخلكم هذه الكلمات على الدوام ولتكن لكم دافعًا وتعزية. أنا أؤكّد لكم صلاتي وأسألكم ألا تنسوا أن تصلّوا من أجلي.
إذاعة الفاتيكان.