اليوم العالمي للصلاة من أجل العناية بالخليقة «متفرقات




اليوم العالمي للصلاة من أجل العناية بالخليقة


ترأس البابا فرنسيس الإحتفال بليتورجيّة الكلمة في بازيليك القدّيس بطرس بالفاتيكان عصر الثلاثاء لمناسبة اليوم العالميّ للصلاة من أجل العناية بالخليقة. تخلّلت الإحتفال الدّينيّ كلمة لواعظ القصر الرّسوليّ الكاهن الفرنسيسكاني رانييرو كانتالاميسّا استهلّها مُستشهدًا بسفر التكوين: "اِنْموا واَكْثُروا وأمْلأُوا الأَرضَ وأَخضِعوها وَتَسَلَّطوا على أَسْماكِ البَحرِ وطُيورِ السَّماءِ وَكُلِّ حَيَوانٍ يَدِبُّ على الأَرض" (تكوين 1، 28).


ولفت إلى أنّ هذه الكلمات سبّبت في الآونة الأخيرة انتقادًا كبيرًا إذ اعتبر البعض أنّ للإنسان سُلطة مُطلقة على الطبيعة وهذا المفهوم هو أساس الأزمة الإيكولوجيّة التي نعيشها ويرتكز إلى قراءة خاطئة لعبارة "تسلّطوا" إذ تمّ إعطاؤها معنى السّلطة المُطلقة.


لفت الكاهن كانتالاميسا إلى أنّ الإنسان مدعوّ لأن يُمارس سلطته على الأرض بشكلٍ مسؤول تمامًا كما يمارس الله سُلطته مع خليقته بما في ذلك الكائنات البشريّة، مؤكّدًا أنّ الإيمان بإلهٍ خالقٍ وبالإنسان المخلوق على صورة الله ومثاله لا يشكل تهديدًا للخلق بل على العكس يأتي بمثابة ضمانةٍ له. هذا ثمّ أشار إلى أنّ خارطة التلوّث في العالم لا تتلاءم إطلاقـًا مع انتشار الدّيانة الكتابيّة أو الدّيانات الأخرى بل مع التطوّر الصناعيّ العشوائيّ وغير المنضبط والذي يطمح إلى الربح الماديّ وحسب، وتتلاءم أيضًا مع الفساد الذي يُسكِت أفواه الإحتجاجات كافّة ويقاوم كلّ سلطة.


ولم تخلُ عظة الكاهن الفرنسيسكانيّ من التطرّق إلى إحدى المشاكل الأساسيّة التي يعاني منها كوكبنا، أي عندما يعتني الإنسان في حماية بعض أجناس الحيوانات بشكل مفرط، ويغض الطّرف عن ملايين الرّجال والنّساء والأطفال الذين يموتون جوعًا ومرضًا أمام أعين الجماعة الدّوليّة وصمتها. واعتبر أنّ ثمّة من يحاول القضاء على هرميّة الخليقة التي حدّدها الكتاب المقدّس، وهذا الأمر شبيه بأوركسترا موسيقيّة تعزف سيمفونيّة رائعة بدون أي جمهور.


هذا ثمّ تطرّق واعظ الكرسيّ الرسوليّ إلى كلمات يسوع عندما دعا تلاميذه إلى عدم الإهتمام بما يأكلون ويشربون ويلبسون مؤكّدًا لهم أنّ الله يعطيهم كلّ ما يحتاجون إليه، وشدّد كانتالاميسا على أنّ هذه الكلمات موجّهة لنا نحن أيضًا عندما نكترث بما نأكل ونشرب ونلبس.


ولفت بعدها إلى الرّسالة العامّة الأخيرة للبابا فرنسيس "كُن مسبَّحا" والتي يؤكّد فيها أنّه لا يمكن للإنسان أن يخدم الله والغنى في الآن معًا، بالتالي ـ تابع الكاهن الفرنسيسكانيّ يقول ـ لا يستطيع أحد أن يخدم فعلاً قضيّة حماية الخلق إن لم تكن لديه شجاعة توجيه أصابع الإتّهام إلى حصر الثروات بأيدي قلّة قليلة من البشر.


فيسوع لم يشجب الغنى إطلاقـًا، بل ندد بـ"الغنى غير النزيه" الذي يتّم جمعه على حساب الآخرين لاسيّما الفقراء، وهو ثمرة الفساد والمُضاربات الوهميّة.


في الختام تحدّث واعظ الكرسيّ الرسوليّ بشكل مُسهب عن القدّيس فرنسيس الأسيزيّ الذي يشكّل رمزًا للعناية بالخليقة، وقال إنّ هذا الرّجل لم يكن مُطّلعًا على المشاكل الإيكولوجيّة ببُعدها العالميّ الشّامل إذ كانت لديه نظرة محلّيّة وعلى نطاق ضيّق. ففكّر بما يمكنه أن يفعل مع إخوته، وهو يشكل قدوة لنا على هذا الصّعيد لأنّ كلّ واحد منّا مدعوّ اليوم إلى التّفكير على نطاق عالميّ والتّصرف على نطاق محليّ، كما يؤكّد البابا فرنسيس أنّ حماية الخلق، شأن السّلام، تُصنع بشكلٍ "حِرَفيّ" بدءًا من ذواتنا. 


إذاعة الفاتيكان.