الشيطان يدمِّر الكنيسة من خلال الانقسامات والمال «متفرقات
"الانقسامات تدمّر الكنيسة والشيطان يحاول أن يهاجم ما يُعرف بجذور الوحدة أي الاحتفال بسرّ الافخارستيا" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الاثنين في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان.
استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من رسالة القديس بولس إلى أهل كورنتس (11/ 17- 26. 33) والتي نقرأ فيها توبيخ الرسول لأهل كورنتس على خلافاتهم، وقال البابا إن الشيطان يملك سلاحَين قويين لتدمير الكنيسة وهما الانقسامات والمال. وهذا الأمر يحصل منذ بدايات الكنيسة: انقسامات إيديولوجية ولاهوتيّة قد مزّقت الكنيسة لأن الشيطان يزرع الحسد والنزوات والأفكار ليقسّم! أو يزرع الجشع. وكما يحصل بعد مُطلق أي حرب نجد الدمار الشامل وهذا الأمر يُفرح الشيطان، ونحن وبسبب سذاجتنا نشارك أحيانًا في لعبته هذه. إن حرب الانقسامات هي حرب وسخة، إنها كالإرهاب وكحرب الثرثرة في الجماعات وحرب اللسان الذي يقتل.
الإنقسامات في الكنيسة لا تسمح بنمو ملكوت الله، لا تسمح للرب بأن يُظهر نفسه بشكل واضح كما هو. الإنقسامات تجعلنا نرى الأطراف في نزاع فيما بينها... فلا وجود لزيت وبلسم الوحدة. لكن الشيطان يذهب أبعد من ذلك وليس فقط في الجماعة المسيحيّة وإنما يصل إلى جذور الوحدة المسيحيّة، وهذا ما يحصل هنا في مدينة كورنتس؛ وبولس يوبّخهم لأن انقساماتهم قد وصلت إلى جذور الوحدة أي إلى الاحتفال بسرّ الافخارستيا.
فيما يختص بأهل كورنتس كانت الانقسامات تتمُّ بين الأغنياء والفقراء خلال الاحتفال بسرّ الافخارستيا. إن يسوع قد صلى إلى الآب من أجل الوحدة لكن الشيطان يحاول أن يدمّر حتى هذه الوحدة: أسألكم أن تقوموا بكل ما باستطاعتكم لكي لا تدمّروا الكنيسة بسبب الانقسامات الإيديولوجيّة أو بسبب الطمع والنزوات والحسد، ولاسيما أن تصلّوا وتحافظوا على مصدر وجذور وحدة الكنيسة جسد المسيح الذي نحتفل بذبيحته يوميًّا في سرّ الإفخارستيا.
يتحدث القديس بولس عن انقسامات أهل كورنتس منذ ألفي سنة ولكن يمكن للقديس بولس أن يوجّه هذا الكلام لنا نحن وللكنيسة اليوم أيضًا: "أَيُّها ٱلإِخوَة، أَمّا وَأَنا في بابِ الوَصايا، فَإِنّي لا أُثني عَلَيكُم، لأنَّ اجتِماعاتِكُم لا تَؤولُ إِلى ما يُفيدُكُم، بَل إِلى ما يُؤذيكُم. فَأَوَّلُ ٱلأَمرِ هُوَ أَنَّهُ، إِذا انعَقَدَت جَماعَتُكُم، وَقَعَ بَينَكُم خِلافات... وَأَنتُم، إِذا ما اجتَمَعتُم جَماعَةً واحِدَة، لا تَجتَمِعونَ لِتَناوُلِ عَشاءِ الرَّبّ، بَل كُلُّ واحِدٍ مِنكُم يُبادِرُ إِلى تَناوُلِ عَشائِهِ الخاص. فَإِذا أَحَدُكُم جائِعٌ وَالآخَرُ سَكران، أَفَلَيسَ لَكُم بُيوتٌ تَأكُلونَ فيها وَتَشرَبون؟ أَم إِنَّكُم تَزدَرونَ كَنيسةَ اللهِ وَتُهينونَ الَّذينَ لا شَيءَ عِندَهُم؟".
وبهذا السياق أيضًا يكتب القديس بولس في مكان آخر: "ليَختَبِرِ الإِنسانُ نَفْسَه، ثمَّ يَأكُل هكذا مِن هذا الخُبز ويَشرَب مِن هذِه الكَأس. فمَن أَكَلَ وشَرِبَ وهو لا يُمَيِّزُ جَسَدَ الرَّبّ، أَكَلَ وشَرِبَ الحُكْمَ على نَفسِه".
لنطلب من الرب وحدة الكنيسة وبألا يكون هناك انقسامات، ولنطلب الوحدة أيضًا في جذور الكنيسة أي في ذبيحة المسيح التي نحتفل بها يوميًّا.
إذاعة الفاتيكان.