الحقيقة متواضعة وصامتة «متفرقات
ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح يوم الإثنين القدّاس الإلهيّ في كابلة بيت القدِّيسة مرتا وألقى عظة تمحورت حول إنجيل لوقا (4/ 16 -30) وشدّد فيها على أنّه بإمكاننا أن نواجه الرَّغبة في التسبب بالفضائح والإنقسامات فقط بالصَّمت والصَّلاة.
"الحقيقة متواضعة وصامتة، وبالتالي فالدرب الوحيد التي ينبغي علينا سلوكها مع الأشخاص الذين يسعون للتسبُّب بالفضائح والإنقسامات هي درب الصَّمت والصَّلاة" انطلاقًا من إنجيل القدِّيس لوقا الذي نقرأ فيه عن عودة يسوع إلى الناصرة حيث نشأ؛ والذي يسمح لنا بالتأمّل حول أسلوب التصرّف في الحياة اليوميّة إزاء سوء التفاهم بين الأشخاص ويساعدنا لنفهم كيفيّة تصرّف الشيطان، أبو الكذب، لكي يدمِّر وحدة عائلة ما أو شعب ما.
وصل يسوع إلى المجمع وقد استقبله الجميع بحشريّة كبيرة: كانوا يريدون جميعًا أن يروا بأعينهم الأعمال العظيمة التي قام بها في أماكن أخرى؛ لكنَّ ابن الآب السماوي يستخدم فقط "كلمة الله" وهي العادة التي يتبنّاها أيضًا عندما يريد التغلُّب على الشيطان، وبالتالي فموقف التواضع هذا هو الذي يفتح المجال لأوَّل "كلمة –جسر"، كلمة تزرع الشك الذي يحمل إلى تغيير في الأجواء "من السلام إلى الحرب" و"من الدهشة إلى الانزعاج"؛ لكنَّ يسوع بصمته يتغلّب على الشيطان الذي زرع الكذب في القلوب.
لم يكونوا أشخاصًا عاديين بل كانوا مجموعة كلاب متوحِّشة طردته من المدينة. فقدوا عقولهم وكانوا يصرخون، فيما بقي يسوع ساكتًا. بهذه الكلمات ينتهي إنجيل لوقا (4/ 30) "وَساقوهُ إِلى حَرفِ الجَبَل، الَّذي كانَت مَدينَتُهُم مَبنِيَّةً عَلَيهِ لِيُلقوهُ عَنهُ؛ وَلَكِنَّهُ مَرَّ مِن بَينِهِم وَمَضى". إن كرامة يسوع في صمته، صمته الذي يتغلّب على هذه المجموعة المتوحّشة ويمضي لأنَّ ساعته لم تأتِ بعد. هذا ما يحصل أيضًا يوم جمعة الآلام، فالجموع عينها التي كانت يوم أحد الشعانين تحتفل بيسوع وتهتف له: "هوشعنا لابن داود؛ مبارك الآتي باسم الرب"، راحت تصرخ "إصلبه!": لقد تغيّرت؛ زرع الشيطان الكذب في قلوبهم، فيما كان يسوع يحافظ على الصَّمت.
هذا الأمر يعلّمنا أنّه إزاء أسلوب التصرُّف هذا الذي لا يرى الحقيقة، يبقى الصَّمت فقط. الصَّمت الذي ينتصر وإنَّما بواسطة الصَّليب. هذا هو صمت يسوع. كم من مرَّة تبدأ في العائلات نقاشات حول السياسة أو الرِّياضة أو المال وينتهي الأمر بدمار تلك العائلات، بسبب هذه النقاشات التي نرى الشيطان فيها فيما يسعى إلى زرع الدمار... الجواب هو الصَّمت، لأنَّ الحقيقة متواضعة وصامتة؛ الحقيقة ليست أبدًا صاخبة. إنَّ ما فعله يسوع ليس سهلاً أبدًا؛ ولكن هناك كرامة المسيحي المُتجذِّرة في قوّة الله؛ ولذلك مع الأشخاص الذين لا يملكون الإرادة الصَّالحة، والذين يسعون فقط إلى التسبُّب بالفضائح والإنقسامات، والذين يسعون فقط إلى الدمار حتى داخل العائلات يأتي الجواب واحدًا: الصَّمت والصَّلاة!
ليعطنا الرَّبُّ النعمة لكي نميِّز متى ينبغي علينا أن نتكلّم ومتى علينا أن نصمت؛ وذلك في جميع مجالات الحياة: في العمل والبيت والمجتمع... فنصبح هكذا أكثر تشبُّهًا بيسوع!
إذاعة الفاتيكان.