التعلّق بالغنى يقسم العائلات ويسبب الحروب «متفرقات
"يسوع لا يدين الغنى وإنّما يدين التعلّق بالخيور الذي يقسّم العائلات ويسبّب الحرب" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الإثنين في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان.
قال الأب الأقدس إنّ التعلّق بالخيور هو نوع من عبادة الأصنام، وذكّر بقول يسوع لتلاميذه ما مِن خادِمٍ يَستَطيعُ أَن يَعمَلَ لِسَيِّدَين: لأنّه إمّا يخدم الله أو يخدم المال. فيسوع ليس ضدّ الغنى ولكنّه يحذّرنا من وضع ضماناتنا في المال الذي يحوّل الدّيانة إلى نوع من "شركة تأمين"، كما وأنّ التعلّق بالمال يقسم كما يخبرنا إنجيل لوقا (12/ 13 - 21) الذي يحدّثنا عن الأخوين اللذين اختلفا بسبب الميراث.
لنفكر كم من العائلات التي نعرفها قد تخاصمت وتتخاصم فيما بينها ليصل بهم الوضع إلى الكراهيّة بسبب الميراث. وهذا هنا أحد الأمثلة. فالأهمّ بالنسبة إليهم ليس محبّة العائلة والأبناء والإخوة والوالدين وإنّما المال، وهذا الأمر يدمّر. حتّى الحروب التي نراها اليوم، قد يكون لها مبدأ ما ولكن هناك خلفها المال أيضًا: مال تجّار الأسلحة ومال المستفيدين من الحرب. وهذه عائلة واحدة، وجميعنا، - وأنا متأكّد - جميعنا نعرف عائلة مقسّمة كهذه. ويسوع واضح في قوله: "تَبَصَّروا وَٱحذَروا كُلَّ طَمَع". إنّ الطمع، يعطيك تلك الطمأنينة الخاطئة التي تحملك أيضًا للصلاة - يمكنك أن تصلي وأن تذهب إلى الكنيسة - ولكنها تحملك أيضًا ليكون قلبك متعلقـًا بالخيور، وفي النهاية يُقضى عليك.
يخبرنا يسوع مثلاً عن "رجل غني أَخصَبَت أَرضُهُ" ولم يكن عنده موضع يخزن فيه غلاله... ولكن وبدل من أن يفكّر في ذاته: سأتقاسم هذا مع عمّالي وموظفيّ ليكون لديهم هم أيضًا المزيد من أجل عائلاتهم. فكّر في ذاته قائلاً: "أَهدِمُ أَهرائي وَأَبني أَكبَرَ مِنها، فَأَخزُنُ فيها جَميعَ قَمحي وَأَرزاقي". هو يريد الأكثر على الدوام، إنّ عطش التعلّق بالخيور لا ينتهي أبدًا؛ وإذا كان قلبك متعلّقـًا بالمال - وعندما يكون لديك الكثير - فستبحث دائمًا عن المزيد. ويصبح المال إله ذاك الشّخص المتعلّق بالغنى.
إن درب الخلاص، هي درب التطويبات، والطوبى الأولى هي لفقراء الرّوح، ويُقصد بها عدم التعلّق بالمال والخيور التي - وإن وجدت - ينبغي أن تكون في خدمة الآخرين، لنتشاركها لنساعد العديد من الأشخاص للمضي قدمًا. والعلامة بأنّنا لا نعيش في خطيئة عبادة الأصنام هي أعمال الصدقة مع المعوزين، فلا نعطي الفائض فقط وإنّما ما يكلفنا أيضًا أي بعض التضحيات والحرمان مما يبدو ضروريًّا لي.
وهذه علامة جيّدة لأنّها تشير إلى أن المحبّة تُجاه الله هي أكبر من التعلّق بالمال. وبالتالي فهناك ثلاثة أسئلة ينبغي علينا أن نطرحها على أنفسنا: السؤال الأول: هل أعطي؟، الثاني: كم أعطي؟ والثالث: كيف أعطي؟ هل أعطي كيسوع، بلمسة الحبّ أو كمن يدفع ضريبة؟ كيف أعطي؟ قد يسألني أحدكم: "ولكن يا أبتِ ماذا تعني بقولك هذا؟"، عندما تساعد شخصًا ما هل تنظر في عينيه؟ هل تلمس يده؟ إنّه جسد المسيح، إنّه أخاك وأختك، وأنت في تلك اللّحظة كالآب الذي يقوت طيور السّماء، وبكم من الحبّ يعطي الآب.
لنطلب من الرّبّ نعمة أن نكون أحرارًا من عبادة الأصنام هذه (التعلق بالمال)؛ ونعمة أن ننظر إليه هو الغنيّ في محبّته والغنيّ في سخائه ورحمته؛ ونعمة مساعدة الآخرين من خلال عيش أعمال الصدقة على مثال يسوع الذي وبالرغم:" من أنّه في صورة الله لم يُعِدّ مساواته لله غنيمة بل تجرّد من ذاته متخذًا صورة العبد وصار على مثال البشر."(فل 2 /6-8).
إذاعة الفاتيكان.