البابا يوجّه رسالة محورها اللاهوت المريمي «متفرقات
عُقدت بعد ظهر الأربعاء 4 كانون الأول ديسمبر في روما الجلسة العامة الرابعة والعشرون للأكاديميات الحبرية، ولهذه المناسبة وجه قداسة البابا فرنسيس رسالة إلى الكاردينال جانفرانكو رافازي رئيس الأكاديمية الحبرية للثقافة باعتباره رئيس مجلس التنسيق بين الأكاديمات الحبرية. وذكَّر الأب الأقدس في بداية رسالته بأن جلسة اليوم تميز، وبفضل الإصلاح الذي أراده القديس يوحنا بولس الثاني سنة 1995، مسيرة الأكاديميات السبع التي يجمعها مجلس التنسيق. كما وأشار البابا فرنسيس إلى أن الجلسة تشمل أيضا إعلان الفائزين بجائزة الأكاديميات الحبرية واصفا هذا بحدث غير ثانوي في التزام الأكاديميات في خدمة اللاهوت والثقافة والحياة الرعوية للكنيسة. ثم أراد الحبر الأعظم توجيه التحيّة إلى الكرادلة والأساقفة، السفراء وأعضاء الأكاديميات وجميع المشاركين في هذه الجلسة.
تحدث البابا فرنسيس بعد ذلك عن الأكاديميات باعتبارها أماكن تصبح فيها المعرفة خدمة، مضيفا أنه بدون تعاون ينطلق من المعرفة ويقود إليها لا تكون هناك تنمية بشرية حقيقية ومتكاملة. وتابع قداسته أن الأكاديمية هي في مجالها خبرة ونموذج سيندوسيَّان، إلى جانب كونها قوة تبشير، مضيفا أن جائزة الأكاديميات الحبرية تريد أن تكون دعوة إلى الاحتفال بالرباط المثمر دائما بين الإنجيل والثقافة. وتابع البابا فرنسيس أن جلسة اليوم قد نظمتها الأكاديمية الحبرية المريمية الدولية والتي تحتفل بالعام الستين لتأسيسها من قِبل القديس يوحنا الثالث والعشرين في 8 كانون الأول ديسمبر 1959. وحيا قداسة البابا الأب ستيفانو تشيكين رئيس الأكاديمية وأعضاءها على تعزيز العلوم والتقوى المريمية، ما جعل هذه الأكاديمية شبيهة ببيت مريم الذي كبر فيه يسوع في ترعرع وحكمة ونعمة (راجع لو 2، 46).
ثم توقف الأب الأقدس عند الموضوع محور جلسة اليوم وهو "مريم، درب سلام بين الثقافات"، فقال إن هذا الموضوع يختزل مسيرة هذه السنوات الستين. وذكَّر قداسته بأن البابا بيوس الثاني عشر أراد وأمام خبرة الحربين العالميتين المأساوية إبراز في العذراء فنار سلام للبشرية القلقة والخائفة، بينما رأى المجمع الفاتيكاني الثاني في أم الرب نموذجا لكنيسة معلمة للإنسانية لكونها خادمة لأعمق تطلعات القلب البشري. وواصل الأب الأقدس متوقفا عند بروز الرباط بين العذراء والشعب المؤمن لدى القديس بولس السادس بسمو ووضوح، وعي وشغف، وذكَّر البابا فرنسيس هنا بما كتب القديس بولس السادس في الإرشاد الرسولي "التقوى المريمية" حول الإنسان المعاصر بقلقه ومخاوفه، آماله وتطلعاته، والذي تقدم له مريم العذراء رؤية صافية وكلمة مطَمئنة.
أما القديس يوحنا بولس الثاني، وحسب ما واصل البابا فرنسيس، فقد جعل أم الفادي دافعا وإلهاما للقاء متجدد وأخوّة مستعادة كدروب لدخول الكنيسة والعالم الألفية الجديدة. وذكّر البابا هنا برغبة القديس يوحنا بولس الثاني في أن يكون للّاهوت المريمي الدور الجدير به في التنشئة اللاهوتية الجامعية وحوار المعارف. وأخيرا توقف البابا فرنسيس عند البابا الفخري بندكتس السادس عشر مذكرا بدعوته الدارسين إلى تعمق أكبر في العلاقة بين اللاهوت المريمي ولاهوت الكلمة، وأيضا بحديث البابا الفخري في الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس "كلمة الرب" عن أن هكذا "سيكون بالإمكان الحصول على مكسب كبير لصالح الحياة الروحية كما أيضا للدراسات اللاهوتية والكتابية. في الواقع، إن ما أدركه فهم الإيمان بشأن مريم هو في صميم الحقيقة المسيحية" (27).
ثم عاد قداسة البابا فرنسيس إلى الحديث عن الأكاديمية الحبرية المريمية الدولية مذكرا بمرافقتها لتعليم الكنيسة وذلك من خلال البحث وتنسيق الدراسات المريمية وأيضا عبر المؤتمرات الدولية المريمية والخاصة باللاهوت المريمي والتي سيُحتفل السنة القادمة بعامها الـ 25. هذا إلى جانب التعاون مع مراكز دراسات كنسية وعلمانية متعددة ومؤسسات أكاديمية مختلفة. وأضاف البابا فرنسيس أن هذا النشاط هو شهادة بيِّنة على كون اللاهوت المريمي أمرا ضروريا بالنسبة للحوار بين الثقافات قادرا على إذكاء الأخوّة والسلام.
وفي نهاية رسالته لمناسبة الجلسة العامة الرابعة والعشرين للأكاديميات الحبرية، والتي عُقدت مساء الأربعاء 4 كانون الأول ديسمبر، أعرب قداسة البابا فرنسيس، وانطلاقا من رغبته في تعزيز وتشجيع الأبحاث اللاهوتية وخاصة تلك الساعية إلى التعمق في مواضيع اللاهوت المريمي، عن سروره لمنح جائزة الأكاديميات الحبرية بالتساوي للدكتورة كارمي لوبيس كالديرون والأب يونوتس كاتالين بليدار، هذا إلى جانب منح قداسته ميدالية الحبرية للمعهد الكرواتي للاهوت المريمي. ثم أوكل قداسة البابا الجميع إلى مريم العذراء لترافق مسيرتهم الشخصية والأكاديمية، ومنح الحضور وعائلاتهم وجماعاتهم البركة الرسولية.
إذاعة الفاتيكان.