الإقصاء أم الإدماج «متفرقات


الإقصاء أم الإدماج


"المسيحيّ يدمج ولا يغلق الأبواب في وجه أحد، حتّى وإن واجه مقاومة من قبل الأشخاص. من يُقصي أحدًا لأنّه يعتقد أنّه أفضل منه يخلق نزاعات وانقسامات وعليه أن يؤدّي حسابًا أمام الله" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ صباح اليوم الخميس في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان.


 يحثّنا القدّيس بولس في رسالته إلى أهل روما (رو14/ 7- 12) على عدم إدانة الإخوة أو ازدرائهم وإقصائهم، ولكي لا نكون تفضيليّين لأنّه ليس تصرُّفًا مسيحيًّا. فالمسيح في الواقع بتضحيته على الجلجلة يوحّد ويدمج جميع البشر في الخلاص. وفي الإنجيل يقترب يسوع من العشارين والخاطئين، أي المهمّشين الذين كانوا خارجًا ولذلك كان الفريسيّون والكتبة يتذمّرون. هذا هو أيضًا موقف الفريسيّين والكتبة، هم يُهمّشون ويُقصون الأشخاص، كمن يقولون نحن الكاملين ونطبِّق الشريعة، وهؤلاء هم الخطأة والعشارين. أمّا موقف يسوع فهو الدمج. هناك دربان في الحياة درب إقصاء الأشخاص من جماعاتنا ودرب الإدماج. يمكن للأولى أن تكون صغيرة ولكنّها في أساس جميع الحروب: جميع الكوارث وجميع الحروب تبدأ بالإقصاء... لكن الدّرب التي تُرينا يسوع والتي يعلمنا إيّاها يسوع هي معاكسة، إنّها درب الإدماج.


 ليس من السّهل إدماج الأشخاص لأنّ هناك مقاومة على الدّوام وهناك أيضًا ذلك الموقف التفضيليّ. لذلك يخبر يسوع هذين المثلين مثل الخروف الضّال ومثل الدّرهم الضّائع. فالرّاعي والمرأة قد بذلا كلّ ما بوسعهما ليجدا ما فقداه، وعندما وجداه امتلآ فرحًا. امتلآ فرحًا لأنّهما وجدا ما قد أضاعاه وذهبا إلى الجيران والأصدقاء ليشاركاهما بفرحهما: "لقد وجدتُ خروفي الضّال!"، "لقد وجدت درهمي الذي أضعته!" هكذا هو أيضًا إدماج الله، هو ضدّ إقصاء الذي يدين ويُبعد الناس والأشخاص، ويُكوِّن حلقة أصدقاء صغيرة تصبح بيئته الخاصّة. إنّها الجدليّة بين الإقصاء والإدماج. والله قد دمجنا جميعًا في الخلاص، وهذه هي البداية. أمّا نحن وبالرّغم من ضعفنا وخطايانا وحسدنا لدينا على الدوام موقف الإقصاء هذا الذي يقود دائمًا إلى الحرب.


أمّا يسوع، فيتصرّف تمامًا كالآب الذي أرسله ليخلصنا، ويبحث عنا ليدمجنا ونصبح عائلة. لنفكر قليلاً ولنأخذ على عاتقنا بألا ندين أحدًا أبدًا فالله يعرف كلّ شيء وهذه حياة الفرد الخاصّة، لكن لا ينبغي عليّ أن أقصيه من قلبي ومن صلاتي وأمنع عنه التحيّة والإبتسامة والكلمة اللطيفة. لا يحقّ لنا أن نُقصي أحدًا، لأنّنا، وكما يختتم القدّيس بولس رسالته، "سَنمثُلُ جَميعًا أَمامَ مَحكمَةِ الله" وسيؤدّي كلّ منّا حسابه أمام الله. لنطلب من الله نعمة أن نكون على الدوام رجالاً ونساءً يدمجون الآخرين ونعمة ألا نغلق الأبواب في وجه أحد وأن تكون قلوبنا مفتوحة على الدوام.


إذاعة الفاتيكان.