اغفر لي يا رب وسامحني «متفرقات
"عندما يكون القلب منفتحًا يمكن للإنسان أن يقبل رحمة الله" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القدّاس الإلهيّ صباح اليوم الخميس في كابلة بيت القدّيسة مرتا بالفاتيكان؛ مشدِّدًا على عدم أمانة شعب الله والتي يمكن التغلّب عليها فقط باعترافنا أنّنا خطأة والإنطلاق في مسيرة ارتداد.
إستهلّ الأب الأقدس عظته انطلاقـًا من القراءة من سفر النبيّ إرميا (7/ 23 -28) وقال:
تقدّم لنا هذه القراءة عهد أمانة، ويمكننا أن نرى من خلالها أمانة الرّبّ وعدم أمانة الشعب، فالله أمين على الدّوام لأنّه لا يمكنه أن يُنكر نفسه أمّا الشعب فلم يَسمَعوا ولم يُميلوا آذانَهم إلى كلام الله. ويُخبرنا إرميا في هذا النصّ عن الأمور العديدة التي صنعها الله ليجذب قلوب الشّعب ولكنّهم صلَّبوا رِقابَهم واستمروا في عدم أمانتهم.
إنَّ عدم أمانة الشّعب وعدم أمانتنا نحن أيضًا يقسيّان القلب ويغلقانه، فلا يسمحان بدخول صوت الرّبّ الذي وكأبٍ مُحبّ يطلب منّا دائمًا أن ننفتح على رحمته ومحبّته. لقد صلّينا في المزمور(95) معًا: "لَعَلَّكُم ٱليَومَ صَوتَ الربّ تَسمَعون، لا تُقَسّوا قُلوبَكُم!" إنّ الرّبّ يكلّمنا هكذا على الدّوام وبحنان أب يقول لنا: "عودوا إليَّ بكلّ قلبكم لأنّني رحوم وشفوق".
ولكن عندما يتصلّب القلب ويصبح قاسيًا يفقد قدرته على الفهم. ورحمة الله يمكن أن تفهمها فقط عندما تفتح لها قلبك لتتمكّن من الدّخول.
يتصلّب القلب ويصبح قاسيًا وهذه القصّة عينها نراها عند الإنجيليّ لوقا (11/14 - 23) الذي يحدثنا عن مواجهة يسوع مع علماء الشريعة والكتبة المُنغلقين. ويخبرنا الإنجيليّ أنّ الجموع قد أُعجبت ودُهشت بالآية التي صنعها يسوع، لقد كانوا يؤمنون به وقلوبهم كانت منفتحة: صحيح أنّهم ربما كانوا خطأة وغير كاملين ولكنَّ قلوبهم كانت منفتحة.
أمّا علماء الشّريعة هؤلاء فكانوا منغلقين، وكانوا يسعون على الدّوام لإيجاد شرح وتفسير لكي لا يفهموا رسالة يسوع وكانوا يطلبون منه على الدوام علامات من السّماء وبالتالي كان على يسوع أن يُبرّر ما كان يقوم به. هذا هو التاريخ، تاريخ عدم الأمانة. تاريخ القلوب المنغلقة والتي لا تسمح لرحمة الله بأن تدخل إليها لأنّها نسيت معنى كلمة "مغفرة" ومعنى قول: "إغفر لي يا ربّ وسامحني" وهذا ببساطة لأنّها لا تشعر بأنّها خاطئة، بل تحاسب الآخرين وتدينهم.
إنّه تاريخ طويل دام عصور؛ وعدم الأمانة هذا يشرحه يسوع في إنجيل اليوم بكلمتين واضحتين: "مَن لَم يَكُن مَعي كانَ عَلَيّ، وَمَن لَم يَجمَع مَعي كانَ مُبَدِّدًا"، فإمّا تكون أمينًا ويكون قلبك منفتحًا للإله الأمين معك وإمّا تكون عليه وكما قال يسوع: "مَن لَم يَكُن مَعي كانَ عَلَيّ".
ولكن هل يوجد هناك حلّ وسط؟ نعم، هناك مخرج وهو الإعتراف بأنّنا خطأة، فعندما يعترف المرء أنّه خاطئ ينفتح قلبه وتدخل إليه رحمة الله ويبدأ مسيرة الأمانة. لنطلب من الرّبّ إذًا نعمة الأمانة؛ وأوّل خطوة في مسيرة الأمانة هي أن نشعر بأنّنا خطأة. ولنطلب أيضًا نعمة ألا تتصلّب قلوبنا وتصبح قاسية وإنّما أن تكون منفتحة على رحمة الله وأن نتعلّم كيف نطلب المغفرة عندما نجد أنفسنا غير أمناء لله.
إذاعة الفاتيكان.