"اسهَروا إِذاً، لأَنَّكُم لا تَعلَمونَ أَيَّ يَومٍ يَأتي ربُّكم" (متى 24، 42). «متفرقات
أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء، صباح الخير!
اليوم، الأحد الأول من زمن المجيء، تبدأ السنة الطقسية الجديدة. وتقودنا الليتورجيا في هذه الأسابيع الأربعة من زمن المجيء، إلى الاحتفال بعيد ميلاد يسوع، فيما تذكّرنا أنه يأتي كلّ يوم في حياتنا، وسيعود بالمجد في نهاية الأزمنة. ويقودنا هذا اليقين إلى النظر إلى المستقبل بثقة، كما يدعونا إلى الشيء نفسه النبي أشعيا، الذي يرافقنا بصوته الملهم بمسيرة زمن المجيء بأكملها.
يتنبّأ أشعيا في القراءة الأولى اليوم، بأنه سيَكونُ "في آخرِ الأَيَّام أَنَّ جَبَلَ بَيتِ الرَّبِّ يُوَطَّدُ في رَأسِ الجِبالِ وَيرتَفعُ فَوقَ التِّلال. وتَجْري إِلَيه جَميعُ الأُمَم" (2، 2). ويقدّم هيكل الربّ في أورشليم كنقطة التقاء وتلاقي جميع الشعوب. أمّا بعد تجسّد ابن الله، فأظهر يسوع نفسه على أنه الهيكل الحقيقي. لذلك، فإن رؤية أشعيا الرائعة هي وعد إلهي وتقودنا إلى العيش كحجّاج، كمَن هو في مسيرة نحو المسيح الذي هو معنى التاريخ بأسره ومقصده. وباستطاعة الجياع والعِطاش إلى البرّ أن يجدوه فقط من خلال اتّباع طرق الربّ؛ فيما أن الشرّ والخطيئة يأتيان من تفضيل الأفراد والجماعات الاجتماعية لاتّباع مسارات تمليها المصالح الأنانية التي تسبّب النزاعات والحروب. أمّا إذا اتّبع كلّ شخص طريق الخير، بإرشاد الربّ، فسيكون هناك المزيد من الانسجام والوئام في العالم. زمن المجيء هو الزمن المناسب للترحيب بمجيء يسوع، الذي يأتي كرسول للسلام وكي يرشدنا على طرق الله.
يشجّعنا يسوع في إنجيل اليوم، على أن نكون مستعدّين لمجيئه: "اسهَروا إِذاً، لأَنَّكُم لا تَعلَمونَ أَيَّ يَومٍ يَأتي ربُّكم" (متى 24، 42). لا يعني السهر أن نفتح أعيننا، بل أن يكون قلبنا حرًّا ومصوّبًا في الاتّجاه الصحيح، أي أن نكون مستعدّين للعطاء والخدمة. هذا هو السهر! والسبات الذي يجب أن نستيقظ منه إنما هو اللامبالاة، والغرور، وعدم القدرة على إقامة علاقات بشرية حقيقية، وتولّي مسؤولية الأخ الوحيد أو المهجور أو المريض. لذلك يجب أن نترجم انتظارنا ليسوع الآتي، بالتزامٍ في السهر. وهذا يعني قبل كلّ شيء أن نندهش إزاء عمل الله، ومفاجآته، وأن نعطه الأولويّة. والسهر يعني أيضًا، فعليًّا، أن نكون متنبهين إلى القريب الذي يجتاز المحن، وأن نتأثّر لاحتياجاته، وألّا ننتظر بأن يطلب أو تطلب منّا المساعدة، بل علينا أن نتعلّم كيف نباكر، ونستبق، كما يفعل الله معنا دائمًا.
لترشدنا مريم العذراء الساهرة، وأمّ الرجاء، في هذه المسيرة، فتساعدنا على توجيه نظرنا نحو "جبل الربّ"، صورة يسوع المسيح، الذي يجذب إليه جميع البشر وجميع الشعوب.
صلاة التبشير الملائكي
بعد صلاة التبشير الملائكي
أيّها الإخوة والأخوات الأعزاء!
أنا أتابع الوضع في العراق بقلق. علمت بأسف أن الاحتجاجات في الأيام الأخيرة قد تلقّت ردّة فعل قاسية تسبّبت في عشرات الضحايا. أصلّي من أجل الموتى والجرحى. وأعرب عن قربي من أسرهم ومن الشعب العراقي بأسره، وألتمس السلام والوفاق من الله.
أتمنّى لجميعكم أحدًا سعيدًا وزمن مجيء مباركًا. من فضلكم، لا تنسوا أن تصلّوا من أجلي. غداء هنيئًا وإلى اللقاء!
إذاعة الفاتيكان.