8 أيار تذكار البار أرسانيوس الناسك «على درب القداسة
ولد هذا البار في روما نحو سنة 354، من أبوين عريقين في الحسب والنسب.فتربى تربية عالية ونبغ في العلوم حتى أضحى من كبار علماء عصره، ونحو السنة 382، استدعاه الملك تاودوسيوس الكبير إلى القسطنطينية، ليكون أستاذًا ومهذبًا لولديه أركاديوس وهنوريوس.
فعظمت منزلته لدى الملك حتى منحه لقب "أبي المملكة والبطريق الشريف" وجعله مستشارًا في مجلس الأعيان.
كان أرسانيوس في تلك العاصمة عزيز الجانب موفور الكرامة تبسم له الدنيا بكل ما فيها من مسرّات وأمجاد وغنى، لكنها لم تكن لتملأ قلبه الكبير وعقله الثاقب، بل كان يعد كل ذلك كلا شيء ويفكر في الاسمى الدائم. فأخذ يتضرع الى الله ليلهمه ما يريده منه في هذه الحياة، فسمع صوتاً يقول له:" يا ارسانيوس، أهرب من معاشرة الناس فتخلص".
فترك كل شيء وسافر إلى الإسكندرية ومن هناك ذهب إلى برية الأسقيط وله من العمر أربعون سنة. فوصل إلى المناسك وطلب من الرهبان أن يقبلوه بينهم، دون أن يُعلمهم من هو، بل قال انه رجل غريب يقصد خلاص نفسه. وبعد أن امتحنوه وجدوه راسخًا في الفضيلة. ولما وقفوا على سره، تهيَّبوه.
فأذن له الرئيس بالإنفراد وحده لممارسة أعماله الروحية بحسب الطريقة التي يريدها. ولم يكن يخرج من قليته إلا لضرورة ماسة. ليكون منصرفاً إلى التأمل والإتحاد بالله، بمعزل عن كل محسوس، يمارس الأصوام وعمل اليد ويحيي الليالي بالصلاة والتأمل في كلمات الله.
وبقوّة الصلاة كان ينتصر على تجارب الشيطان. ولما دنت ساعة وفاته، رآه تلاميذه يبكي فقالوا له:" لِمَ تبكي يا ابانا اتخاف الموت بعد حياتك هذه الملائكية؟" فأجابهم:" ان هذا الخوف يلازمني منذ صرت ناسكًا". قال هذا وما لبث أن رقد بالرّبّ مملوءًا قداسة سنة 449 وله من العمر 95 سنة. صلاته معنا. آمين!