31 آب تذكار القديس ايجيديوس «على درب القداسة
وُلد ايجيديوس نحو سنة 640 في مدينة أثينا من أبوين تقيّين من أصل ملوكيّ، هما تاودورس وبيلاجيا، ربّياه على حبّ الفضيلة ومخافة الله. واختارا له أقدر الأساتذة، فدَرَسَ العلوم ونبغ فيها، كما امتاز بميله إلى الفضيلة بحيث لم يكن يُرى إلّا مُصليًّا ودارسًا.
ولمّا بلغ الرّابعة والعشرين من عمره، فجع الموت والديه، فكان مصابه بهما عظيمًا، حتى أنّه زهد في الدّنيا وتخصّص بممارسة الصّلوات والإماتات وأعمال الرّحمة حتى جاد بالثياب التي عليه. فكافأه الله بصنع العجائب كشفاء المرضى وطرد الشّياطين، واشتهرت قداسته فتقاطرت النّاس إليه تلتمس شفاعته وصلاته. ولتواضعه العميق لكلّ مجد عالميّ، باع أملاكه ووزّع ثمنها على المساكين وهجر وطنه قاصدًا بلاد المغرب.
وفي طريقه هدّأَ بصلاته زوبعة ً وخلّص المركب من الغرق، ونزل في جزيرة حيث أقام ثلاثة أيّام عند ناسك آنسه وشاركه في الصّلاة والإماتة. وأقلع من هناك إلى مرسيليا ومنها إلى مدينة أرل حيث كان يعيش من الصَدَقة. ثمّ دخل مغارة محاطة بأشجار السّنديان وعلى بابها الأعشاب والأشواك وبقربها عين ماء غزيرة، أقام في تلك المغارة كلّ حياته مثابرًا على الصَّلاة والتأمل، لا يأكل سوى العشب ويغتذي بحليب غزالة آوت إليه.
وكان ذات يوم، بعض أعوان الملك يصطادون فطاردت كلابهم تلك الغزالة فلجأت إلى مغارة القدّيس فلاحقوها ورماها أحدهم بسهم من الخارج أصاب يد القدّيس وسال منها الدم، فتألم كثيرًا، لكنّه لم يفِه بكلمة. فرفعوا الشّوك عن باب المغارة ورأوا القدّيس جاثيًا يصلّي والدّم يسيل منه فاندهشوا ووقعوا على قدميه مستغفرين، وضمّدوا جراحه وطلبوا بركته وقفلوا راجعين وأخبروا ملكهم بما جرى.
فتأثر جدًّا، ثمّ جاء هو والأسقف اريجيوس لزيارة القدّيس ايجيديوس في مغارته فاستأنس بهم وقصّ عليهم سيرته. فأعجبوا به. ووهبه الملك الأراضي المجاورة للمغارة ليُنشئ فيها ديرًا لمن يريد الاقتداء به بطريقته. ثمّ رسمه الأسقف كاهنًا فأنشأ القدّيس ديرًا امتلأ بالرّهبان.
ثمّ ذهب إلى روما وقابل قداسة البابا مبارك الثاني (684 – 685) الذي باركه وبارك ديره. وبعد أن أُعطِيَ فعل العجائب في حياته عَلِمَ بدنو أجله فجمع رهبانه وأوصاهم بالمحبّة والألفة وحفظ النظام والقانون واقتبل الأسرار المقدّسة ورقد سنة 720. صلاته معنا. آمين.