28 كانون الثاني تذكار القديس افرام ملفان البيعة «على درب القداسة
وُلد أفرام في مدينة نصيبين ما بين النّهرين من والدين مسيحيِّين. أولع، منذ حداثته بمُطالعة الكتاب المقدّس ومنه اقتبس روحًا شعريّة وثابتة ظهرت في كلِّ ما كتبه من نثر وشعر.
تتلمذ للقدّيس يعقوب أسقف نصيبين ولمّا أراد أن يرسمه كاهنًا، اعتذر لتواضعه، واكتفى بأن يبقى شمّاسًا إنجيليًّا. ثمّ أقيم أستاذًا لمدرسة نصيبين الشهيرة، فانكبَّ على التدريس والتأليف حتّى بلغت تلك المدرسة أوج الإزدهار وكان تلاميذها من مشاهير العلماء السُّريان.
وبقي في وطنه نصيبين إلى أن نقل مدرسته منها سنة 369 إلى الرَّها حيث واصل جهاده في التّدريس والتأليف.
ولمّا أرادوا أن يُقيموه أسقفًا ارتاع لهذا الخبر، وأخذ يتظاهر بالجنون، فتركوه وشأنه، وهو لم يزل يذكر ما حدث له في شبابه، يوم طارد بقرة لرجل فقير، فوقعت في حفرة وماتت لذلك كان يبكي خطيئته هذه، نادمًا، حتى اذا مرَّ فكرُ عُجْبٍ بخاطره، خاطب نفسه قائلاً:" البقرة، يا أفرام، البقرة!..."
وكان بمزاجه السَّوداوي سريع السُّخط والغضب. لكنّه أصبح كالحمل بممارسة الوداعة والتواضع اللَذين تفوقَّ بهما.
وقد امتاز بمحبَّته للقريب ولاسيّما بشفقته على الفقير والمُحتاج. ثمّ أنّ هذا القدّيس المُلقـّـب بكنّارة الرّوح القدس، قد تفرَّد، بين علماء الكنيسة، بسموّ عواطفه ورقة شاعريّته، يتغنّى بالأسرار الإلهيّة وبالدفاع عن الإيمان الحقيقيّ، وبوصف مريم العذراء المجيدة.
وما زالت كنيستنا السُّريانيّة تترنّم بأناشيده البديعة وتُدخلها في فروضها الدّينيّة.
أمّا وصيّته لتلاميذه، عند دنو أجَله، فكانت تحريضًا على التواضع والمحبّة، وأن لا يقولوا فيه مديحًا بعد موته ولا يقدِّموا لجسده كرامة بل يدفنوه في مقبرة الغرباء، مكفنًا بثوبه الرّهباني البالي. وأن يجمعوا الدّراهم التي تبذل في حفلة دفنه ويوزِّعوها على الفقراء. وبعد أن ودَّعهم، رقد بالرَّبِّ سنة 373.
وما عدا قصائده الرّائعة الواقعة في ستة مجلّدات ضخمة، له شروحٌ للكتاب المقدّس بعهدَيه القديم والجديد، لها قيمتها عند العلماء. وفي سنة 1925، أعلنه البابا بيوس الحادي عشر ملفانًا للكنيسة الجامعة. صلاته معنا. آمين.