27 كانون الثاني تذكار الأرملة البارة باولا «على درب القداسة
وُلِدت باولا في روما من أسرة شريفة مؤمنة. فنشأت على مخافة الله، ثمَّ تزوَّجت ورُزقت أولادًا. ولمّا توفيّ زوجها، كرَّست ذاتها لعبادة الله ولتربية بنيها تربية صالحة. وانعكفت بكلِّ قواها على الصَّلاة والتأمل وممارسة الإماتات الشّاقة جدًّا.
وقال فيها القدّيس إيرونيموس مرشدها وكاتب سيرتها: "إنّها كانت نموذجًا صالحًا وامتازت بتواضعها، حتى كانت تعدُّ نفسها أحقر من جواريها وخدمها. وكان فراشها مسحًا من الشعر. تقضي الليالي بالصّلاة وذرف الدموع. وقد أشرتُ عليها أن تكف عن البكاء حفظًا لنظرها، فأجابت: يلزم هذا الجسد الذي تَنَعّم أن يشقى، وأن يبدل الضحك بالبكاء".
ولم يكن من حدّ لحسناتها على الديورة والفقراء حتّى أنّ أهلها كانوا يمنعونها عن الإفراط بصدقاتها لئلا تفتقر، فتجيبهم: "لي أسوةٌ بسيّدي يسوع المسيح الذي لم يكن له موضع يسند إليه رأسه".
ثم سارت وابنتها أوسطاكيا إلى زيارة الأماكن المقدّسة في فلسطين، وقد مرَّت بمدينة بيروت إلى أن بلغت أورشليم. وتوجّهت إلى مصر والصعيد، تزور النساك وتطلب أدعيتهم وتسخو عليهم بالحسنات.
ثمّ رجعت إلى بيت لحم حيث قامت تحت تدبير مرشدها القدّيس إيرونيموس، وتعلمَت اللغة العبرانيّة لتحسن فهم الكتاب المقدّس وكانت تعيشُ عيشة قشفة جدًا.
وأنشأت ديرًا للرُّهبان وثلاثة ديورة للرَّاهبات، وكانت ابنتها أوسطاكيا منهنَّ. وقامت القدّيسة تدرِّبهن في طريق القداسة والكمال الإنجيليّ بمثَلها وإرشادها.
وبعد حياة قضتها بعيشة ملائكيّة، مضت لتنال ثواب مبرَّاتها عند الآب السّماوي سنة 404. صلاتها معنا. آمين.