24 أيار تذكار القديس سمعان العمودي الكبير تلميذ مار مارون «على درب القداسة
وُلِدَ هذا البارّ سنة 390 في قرية سبيسان على حدود سوريا وكيليكية، كان يرعى غنم أبيه. ومنذ حداثته كان رصينًا هادئًا متعشقـًا الفضيلة ولا سيَّما الطهارة. بعد وفاة والديه زهد في الدنيا وترك ثروته لإخوته وللفقراء ودخل ديرًا في تولادا عاكفـًا على درس الحياة النسكيّة وممارستها بكلِّ دقـَّة ونشاط. وبعدها أوحى إليه بأن يُقيم فوق عمود ليمارس فوقه الصّلوات والإماتات، مُعَرَّضًا لحرِّ الصَّيف وبرد الشِّتاء.
ويُروى أنَّ النسَّاك حملوا رئيسه أن يمتحن طاعته فأمره بالنزول عن عموده. فما كان من سمعان إلّا أن امتثل للأمر. فازدادوا احترامًا له وإعجابًا بقداسته.
عاش سمعان على عموده ثلاثين سنة، على طريقته المستغربة التي تحار فيها العقول، ولولا المستندات التاريخيّة التي تؤيدها ولا سيَّما ما كتبه عنه المؤرخ الشّهير تاودوريطس المُعاصر له وغيره من الكتبة التقاة لما كنا نصدّق تاريخ حياته العجيب.
ورقد هذا المجاهد العظيم في الثاني من أيلول عام 459، وله من العمر 69 سنة. ونُقل جثمانه الطاهر إلى مدينة أنطاكية بموكب حافل مشت فيه الجماهير مع الأساقفة والإكليروس وكوكبة من العساكر الملوكيّة، ودُفن في الكنيسة.
وقد أجرى الله على يده في حياته وبعد مماته عجائب لا تُحصى وبقي عموده يفوح برائحةٍ عطرةٍ مدَّة طويلة وأصبح مزارًا شهيرًا حيث بنى الرُّهبان ديرًا وكنيسة فخمة. صلاته معنا. آمين.
وذُكر أنّه هو الذي أرسَلَ إلى قرى شمالي لبنان، وكانت وحوشٌ تفترس أهلها، عمَّدَهم، وأمرهم أن يرسموا سبعة صلبان حول كلِّ قرية، فنجوا. وكانوا هم من الموارنة الأوائل المقيمين الأصليِّين في لبنان. (راجع تاريخ الأب ضوّ).