16 نيسان تذكار البارّة اناسيما «على درب القداسة
كانت هذه إبنة ملك يحكم على خمس عشرة مدينة في مصر. وهي وحيدة لوالديها وربيت مثابرة على درس الكتب المقدسة، ولا سيما كتاب الإنجيل الطاهر. مات أبوها وهي صبية، فهمّ أرباب الدولة بأن يقيموها ملكة مكانه.
فانسلَّت من بيتها خلسة، وزهدت في الدنيا مرتدية اثوابًا ذرية. ولم تأخذ معها سوى كتاب الإنجيل المقدس. وسارت إلى البرية، متوغلة إلى أن بلغت غابًا كثيف الأشجار. فأقامت فيه ناسكة تناجي الله بالصلاة والتأمل وتقتات من أعشاب البرية، وبعض الأثمار نحو أربعين سنة.
وكانت الوحوش تؤانسها، وتصغي اليها عند تلاوة الإنجيل الذي شغفت بمحبته وكرّست حياتها لخدمته. ثم الهم الله القديسة أناسيما أن تذهب الى دير بجانب نهر النيل فيه ثلاثمئة راهبة. فانضمت إليهن وتظاهرت بأنها بلهاء مجنونة زيادة لأجرها. ولذلك كانت تقاسي من الراهبات أنواع الإهانات والشتم مدة طويلة وهي لا تتذمر.
وفي غضون ذلك كان الأنبا دانيال قد اشتهر بقداسته. فأوحي إليه أن يزور ذلك الدير حيث القديسة أناسيما. فجاء وعرفها وجثا أمامها طالبًا صلاتها. فاندهشت الراهبات من عمله. فأخبرهن بأمرها ونسبها الملوكي. وسرد لهن قصتها. فالتحفن الخجل والندم على جهلهن من هي وأسرعن إلى طلب المغفرة منها، فشق ذلك على القديسة، لاحتقارها المجد العالمي وتعلقها الشديد بفضيلة التواضع السامية.
لذلك خرجت من الدير دون أن يعلم بها أحد ولا الى أين ذهبت وكيف انتهت حياتها. والمرجح انها رجعت إلى البرية حيث كانت اولاً. وبقيت تواصل جهادها النسكي إلى أن رقدت بالرب نحو سنة 379 وهي السنة التي توفي فيها القديس دانيال الذي كان واقفًا على سيرتها. فقصها على رهبانه حتى كتب بعضهم ترجمتها. صلاتها معنا. آمين.