14 أيار تذكار الشهيد بونيفاسيوس ورفاقه العشرين «على درب القداسة
كان بونيفاسيوس من روما، قيما لامرأة رومانية شريفة وغنية اسمها أغلايس، عاشا معًا زمانًا حياةً مشككة، لكنهما كانا يحسنان إلى الفقرء ويغيثان الغرباء. وبهذا الصنيع الحسن نظر الله اليهما بعين الشفقة، فما عتمت اغلايس حتى فاقت من سكرتها فمست النعمة قلبها وانارت عقلها فظهرت لها فظاعة آثامها وايقنت ان الدنيا بملاذها وغناها باطلة زائلة، فعزمت على التوبة الصادقة وباعت ما عندها من ثياب فاخرة وجواهر وحلي ثمينة ووزعت ثمنها على الفقراء والمحتاجين، ودفعت بونيفاسيوس الى الاقتداء بها. فتاب مثلها وسارا في طريق البر والقداسة.
فقالت له اغلايس:" قد طالما اغظنا الله وشككنا القريب فلا بد لنا من التكفير عن حياتنا الماضية. وبمَا أن ديوكلتيانوس يضطهد المسيحيين في الشرق وقد استشهد كثيرون منهم، قُم وامضِ إلى طرطوس، حيث الاضطهاد قائم، وخذ معك من المال والرجال ما شئت لمساعدة المضطهدين، وائتنا بذخائر بعض الشهداء فتكون لنا عونًَا على أعمال التوبة والقداسة".
فسار بونيفاسيوس مزودًا بالمال والخدم. ولما وصل إلى طرطوس، مضى توًا إلى محل العذاب فوجد الجنود يعذبون عشرين مسيحيًّا أعذبة مختلفة، والشهداء صابرون يشكرون الله. فأخذ يقبِّل كلومهم ويتبرك بدمائهم ويطلب منهم ان يشفعوا فيه لدى الله.
فقبض عليه عامل الملك وسأله من هو، فأجاب، بكل جرأة:" أنا مسيحي والمسيح سيدي وربي" فغضب الوالي وقال له:" عليك ان تسجد للأصنام وإلاّ انزل بك أمرّ العذاب". فقال القديس:" لست أسجد للشياطين ولا أبالي بعذاب".
فأمر الوالي أن يُعلق منكسًا وأن يُكوى جسمه بحديد محمي. فتحمل بونيفاسيوس هذا العذاب بصبر وفرح. ثم فتحوا فاه وصبوا فيه رصاصًا وزفتًا فجثا القديس مصليًّا مستغيثًا بالشهداء. فرفع هؤلاء أصواتهم بالصلاة، وبها فاضت أرواحهم بيد خالقها.
ثم ألقوا القديس في قدر مملوء زيتًا مغلي، فانشقت القدر وانطفأت النار. عندئذ أمر الوالي بقطع رأسه فتكلل بالشهادة سنة 302 في اليوم الرابع عشر من أيّار.
وقد حملوا جسده إلى أغلايس في روما فكانت أثمن ذخيرة لها. وقضت حياتها بالبر والقداسة ورقدت بالرّبّ سنة 313. صلاتهم معنا. آمين.ِ