13 أيلول تذكار القديس خريستوفورس «على درب القداسة
ظهر هذا القدّيس نحو أوائل القرن الثالث في إقليم كليكيا وكان وثنياً إسمه دابريوس وكان اهتداؤه إلى الديانة المسيحيّة في إنطاكيّة، لمّا أثار الملك داكيوس الإضطهاد على المسيحيِّين سنة 250. وأنزل بهم أمرّ العذابات، وأشدّها هولاً، رآهم دابريوس يحتملون العذاب بصبر عجيب. فَحَرّكَت النعمة قلبه فأخذ يطلب من الله أن يُنير عقله ويُرشِدَه ويُقَوّيه، فَسمِعَ صَوتاً مِنَ السّماء يقول له: "تَشجّع وَقُم فإنك تكون سبباً أرُدُ كثيرين إلى الايمان بي".
ولساعته أسرع إلى الجلاّدين وأخذ يوبّخُهُم على تعذيبهم المسيحيّين ويقول لهم: "أنا مسيحيّ" وازدرى بالآلهة والملك. فاندهشوا من جرأته، وخافوا من منظره المهيب وقامته الجبّارة. فأخبروا الملك بذلك. فأمر بأن يأتوه بِهِ وإن أبى فليُقطِعوا جسده إرباً إرباً. ولمّا جاءوا ليأخذوه رأوه يُصلّي فتهيّبوه وأخذوا يلاطفونه قائلين:
"إنّ الملك يدعوك وأتينا لنأخذك لكنّنا نرجع ونقول له: إنّنا لم نجدك، فكن بأمان".
أمّا هو فقال لهم: إنتظروا قليلاً لتروا قوّة الله ومعجزة سيّدي يسوع المسيح. وفي الحال أمدّه الرّبّ بآية تكثير بعض خبزات كانت معهم، فتعجبوا وآمنوا وقالوا:
"إنّنا نعبد الإله الذي تعبده أنت، فلا إله سواه".
فجاء بهم إلى القدّيس بابيلا بطريرك انطاكية وقَبِلَ مَعَهُم سرّ العماد المقدّس وتسمى "خريستوفورس" أي حامل المسيح. ثمّ قال للجنود أن يقودوه إلى الملك مربوطاً. فلمّا مَثُلَ أمامه، جاهر بأنّه مسيحيّ وإسمه "خريستوفورس" فحاول الملك إقناعه بأن يرجع إلى دين آبائه وأجداده فلم يفلح فطرحه في السِّجن.
وأرسل إمرأتين فاسقتين لتفسداه وتُقنِعاه ليضحِّ للأصنام. وما دخلتا عليه، حتى بهرهما نور ساطع فوقعتا على قدميه تطلبان المغفرة والبركة، وعادتا إلى الملك مؤمنتين بالمسيح، فأمر بهما وأماتهُما شهيدتين.
وفي الغد استحضره الملك وقال له: أيُّها المجنون، ماذا يُفيدك جنونك، فاذبح للأوثان تنجُ من العذاب والموت، فأجابه القدّيس: "أنت المجنون، وجنونك شيطاني. كفاك ظلمًا وشرًّا. إنًَّك لأعجز من أن تنال مني مأربًا ولو مهما أنزلت بي من العذاب". فتميز الملك من الغيظ وأمر بتعذيبه، فمدّدوه على مصبَّع من نحاس محمي وطافوا به في المدينة. ثمّ أشعلوا ناراً وزجّوه فيها، فصانه الله من الحريق.
ولمّا جاء المسيحيّون ومعهم وثنيّون ليأخذوا بقايا جسده، ظناً مِنهُم أنّه احترق، رأوه سالمًا واقفـًا وسط النار يُمجّد الله. عندئذ صرخ الشعب: "واحد هو الإله الذي يعبده خريستوفورس ونحن نؤمن به".
وقد آمن آلاف من الوثنيِّين واعتمدوا. وأخذ جميعهم يرتّلون لله ويمدحونه بالمزامير فازداد الملك غضبًا وأرسل جنوده فأعملوا بهم السّيف وبه تكلّلوا بالشهادة. أمَّا خريستوفورس فبعد أن رشقوه بالسهام، قطعوا هامته فطارت روحه إلى الأخدار السماويّة نحو سنة 258. صلاته معنا. آمين.