10آب تذكار لورنسيوس الشهيد «على درب القداسة
وُلِدَ في إسبانيا سنة 212 من أبوين امتازا بالتّـقوى والعبادة. ودرس العلوم العصريّة والبيعيّة، حيث تعرّف إلى شاب إسمه سيكستوس وقد توثّـقت عُرى الصّداقة بينهما. ثمَّ جاء لورنسيوس إلى روما لمتابعة دروسه وكان صديقه سيكستوس قد أصبح حبراً أعظم باسم سيكستوس الثّاني، فجعله رئيساً لشمامسته واتّخذه السّاعد الأيمن له في إدارة الشّؤون الزّمنيّة وتوزيع الأسرار، فقام بوظيفته هذه أحسن قيام، يهتمّ بالفقراء والأيتام والمرضى والعذارى اللّواتي يكرّسن نفوسهن لخدمة الله.
ولمّا أثار الملك فاليريانوس الإضطهاد على المسيحيّين، أمر بالقبض على البابا سيكستوس وإجباره على تقديم البخور للأوثان، أو سوقه إلى العذاب، فساقوه إلى السّجن فلحقه لورنسيوس وهو يقول: "إلى أين تذهب يا أبي، دون ولدك، فإنّي لم أكن لأفارقك في الحياة، فلست أرضى أن أفارقك في التّضحية والممات". فأجابه الحبر القدِّيس: "لستُ أتركك يا ولدي، فإنّ الله قد أعدّ لك جهاداً أعظم من جهادي، فسوف تلحقني بعد ثلاثة أيّام".
فرجع لورنسيوس وقلبه يقطر دماً، تائقاً إلى مشاركة أبيه في الإستشهاد، وأخذ يفتقد المسيحيِّين الذين في الكهوف والمخابئ والدّياميس يؤآسيهم ويشجّعهم، مستتراً بأجنحة الظّلام يصرف اللّيل كلّه بأفعال الرّحمة ومؤاساة المظلومين.
وفي الغد رأى البابا مساقـًا إلى محل العذاب، فقال له: "لا تتركني، يا أبي، فقد صنعت كلّ ما أمرتَني به ووزّعت كنوزك على الفقراء". فسمع الجند كلمة كنوز، فقبضوا على لورنسيوس وأخبروا الملك فاليريانوس بذلك. فاستحضره وسأله: أين أخفيت الكنوز؟. فلم يجبه. فسجنه. وكان في السّجن رجل أعمى أبرأه لورنسيوس بعد أن آمن واعتمد. فذاع الخبر في المدينة، وأتى العميان إلى سجن لورنسيوس يطلبون منه نعمة البصر. فأبرأهم بصلاته وإشارة الصّليب المقدّس.
وأرسل الملك في طلب لورنسيوس، وطالبه بالكنوز. فطلب لورنسيوس مهلة ثلاثة أيّام، فأعطاه المهلة المطلوبة وأطلقه. فمضى وجمع كلّ من كانت الكنيسة تعولهم وتتصدّق عليهم من عميان وعرج ومشوّهين وفقراء وبعد ثلاثة أيّام جاء بهم إلى الملك وقال له: "هذه هي كنوزنا أيّها الملك، لأنّ الرّحمة والصّدقة على هؤلاء تجعل لنا كنوزاً في السّماء لا تفنى". فاغتاظ الملك وأمر بجلده وتعذيبه والقدّيس يمجّد الله.
أخيراً أمر الملك أن يُعرى لورنسيوس من ثيابه ويُشوى جسمه. ولمّا أكلت النّار جنبه الأوّل قال للملك: "قد أكلت النّار جنبي الأوّل فأدرني على الجنب الثّاني". ثمّ رفع عينيه إلى السّماء وصلّى من أجل ارتداد روما إلى الله. وأسلم الرّوح فوق النار سنة 259. صلاته معنا. آمين.