َمرْيَمُ أُمُّ الله «القوت اليومي
المَسألةُ الَّتي تَطْلبونَ مِنَّا جَواباً عَليها هِيَ هذِهِ : هَلْ إنَّ العَذراءَ مَرْيَمَ هِيَ حَقًّاً أُمُّ الله، أمْ إنَّها تُدْعى بِهذا الإسْمِ فحَسْب ؟ وَهَلْ يَحِقُّ لَها أنْ تُدْعى بِهذا الإسْم ؟
فنَحْنُ بِوَطيدِ رَجائِنا - وَهُوَ أيْضاً حَياتُنا - ، وَبِثِقتِنا التامَّة - وَهِيَ أيْضاً فَخْرُنا - ، نُجاهِرُ عالياً وَبِجُرْأةٍ بِأنَّ مَرْيَمَ هِيَ والِدَةُ الله، وَبِصوابٍ تُدْعى بِهذا الإسْم، لِأنّها وُجِدَتْ على الأرْضِ حَقّاًّ أُمًّا للهِ الكَلِمَةِ بِإرادَتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ بِطَبيعَتِهِ الذاتيَّةِ أُمٌّ في السَّماء.
فالرَّسولُ يَصْرُخُ قائِلا : إنَّ اللهَ أرْسَلَ ابْنَهُ مَوْلوداً مِنْ امْرَأة. فإذا تَجاسَرَ إنْسانٌ وَادَّعى أنَّها قدْ وَلَدَتِ الإلهَ الكَلِمَةَ بِطَبيعَتِهِ الذاتِيَّة، فلا يَكونُ فقطْ قدْ ادَّعَى إدِّعاءً فاسِدا، لَكِنَّهُ يَكونُ أيْضاً قدْ صَرَّحَ بِما هُوَ شِرِّير.
إنَّنا نَدْعو البَتولَ القِدّيسَة أُمَّ الله، لا لاعْتِقادٍ مِنَّا أنَّها وَلَدَتِ الطَبيعَةَ الإلهيَّة، لَكِنْ لِأنَّهُ مِنْها وُلِدَ الإلهُ الكلمَةُ المُتَأنِّس.
هُوذا العَذرآءُ تَحْبِلُ وَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعو اسْمَهُ عِمانوئيل، الَّذي تَفْسيرُهُ اللهُ مَعَنا. فإنَّ رَبَّنا لَمْ يَأخُذْ مِنَ البَتولِ الطُّوباويَّة مَبْدأَ كِيانِهِ القديم، لِأنَّهُ الكَلِمَةُ الَّذي كانَ في البَدْءِ عِنْدَ الله، كَما يَشْهَدُ بِذلِكَ يوحَنَّا. لكِنَّهُ مِنَ البَتولِ ظَهَرَ مَسيحًا بِالطَبيعَةِ البَشَرِيَّةِ رَحْمَةً مِنْهُ. فهُوَ اللهُ فَوْقَ كُلِّ كائِن...
فهذا إيْمانُنا : ألَّذي كانَ عِنْدَ الله، الإلهُ الكَلِمَة، وَقدْ وُلِدَ مُنْذُ الأزَلِ مِنَ الآبِ بِطَبيعَتِهِ الذاتيَّة، هُوَ عَيْنُهُ وُلِدَ بِالجَسَدِ مِنَ البَتولِ في آخِرِ الأزْمِنَةِ مِنْ أجْلِ خَلاصِنا...
(خطاب في القسطنطينية)
القِدِّيسِ رَابُّولا أُسْقُفِ الرُّها (+435 )