َقيدَةُ انْتِقالِ العَذراء: شَهادَةُ الكِتابِ المُقَدَّسِ وَالليتُورْجِيا «القوت اليومي

 تَعَلّمَ المُؤمِنونَ مِنَ الكِتابِ المُقدَّس، على يَدِ رُعاتِهِمْ وَبِرِعايَتِهِم، أنَّ العَذرآءَ مَرْيَم، قدْ عاشَتْ على الأرْضِ عِيشَةً لَمْ تُحْرَمِ الهُمومَ وَالشَّدائِدَ وَالآلام، وَأنَّهُ قدْ تَمَّ فيها ما سَبَقَ وَقالَهُ سِمْعانُ الشّيخ، فجازَ قلبَها سَيْفٌ حَادٌ لَدَى صَليبِ وَحيدِها الإلهِي وَفادينا، وَلَمْ يَصْعُبْ عليهِمْ كذلِكَ أنْ يُسَلّموا بِأنَّ أُمَّ اللهِ قدْ تُوفِّيَتْ مِنْ هذِهِ الحَياة، على مِثالِ ابْنِها.

على أنَّ ذلِكَ لَمْ يَمْنَعَهُمْ مِنْ أنْ يَعْتَقِدوا وَيَعْتَرِفوا عَلَنا، بِأنَّ جَسَدَها المُقدَّسَ لَمْ يَخْضَعْ قطُّ لِفَسادِ القبْر، وأنَّ هَيْكَلَ الكَلِمَةِ الإلهي لَمْ يُبْلَ ولا صارَ إلى التُراب، بَلْ بِالعَكْسِ قدْ دَفَعَهُمْ نورُ النِّعْمَةِ الإلهيَّة وَتَعَبُّدُهُم، لِمَنْ هِيَ والِدَةُ اللهِ وَأُمُّنا الحَنون، فتَأمَّلوا، على نورٍ ازْدادَ بَهاءً يَوْماً عَنْ يَوْم، عَقدَ الامْتيازاتِ التي مَنَّ بِها الله، بِعِنايَتِهِ السَّامِيَة، على شَريكَةِ فادينا العَظيمَة، التي سَمَتْ إلى ذُرْوَةٍ لَمْ يَبْلُغْ إليْها مَخْلوقٌ قطّ ، خَلا طَبيعَةَ المَسيحِ البَشَرِيَّة...

وفي الكُتُبِ الطَّقْسيَّةِ التي تَذْكُرُ عِيْدَ "نياحِ" أو "انْتِقالِ القِدِّيسَةِ مَرْيَم" ، نُصوصٌ تُشْهَد، على غَيْرِ خِلاف، بِأنَّ البَتولَ والِدَةَ الله، عِنْدَما غادَرَتْ هذا المَنْفى الأرْضِيَّ إلى العَلاء، قدْ لاقى جَسَدُها، بِتَدْبيرِ عِنايَة الله، ما كانَ يَليقُ بِكَرامَةِ أُمِّ الكَلِمَةِ المُتَجَسِّد، وَبِسائِرِ الامْتيازاتِ المَمْنوحَةِ لَها.                                                

          (الدستور الرسولي)

البابا بِيُّوسَ الثّاني عَشَر (+1958 )