«يا رَبّ، عَلِّمْنَا أَنْ نُصَلِّي» «القوت اليومي
«يا رَبّ، عَلِّمْنَا أَنْ نُصَلِّي»
بالصَّلاة وحدها نصبح مستحقّين أن نتحدّث إلى مُخَلِّصنا المحيي والرَّحيم. لكن يجب أن نصلّي بالكلام فقط إلى حين حلول الرُّوح القدس علينا ومنحنا نعمته السماويّة بطريقة لا يعرفها أحد سواه. وعندما يزورنا، يجب أن نتوقّف عن الصَّلاة بالكلام. في الواقع، ما الفائدة من مناشدته في الليتورجيّة: "أيّها الملك السماوي المُعزّي، روحُ الحقّ، الحاضر في كلّ مكان، والمالىءُ الكلّ، كنزُ الصالحات وواهبُ الحياة، هلمَّ واسكُنْ فينا، وطهِّرنا من كلّ دَنس، وخلِّص أيّها الصالح نفوسَنا" عندما يكون قد جاء استجابةً لتضرّعاتنا المتواضعة والمحبّة في هيكل أنفسنا المتعطّشة لمجيئه؟
لذا، قال صاحب المزامير: "كُفُّوا واْعلَموا أنَي أَنا الله المُتَعالي على الأُمَمِ، المُتَعالي على الأَرض" (مز 46[45]: 11). هذا يعني: ظهرت وسأظلّ أظهر لكلّ مؤمن وسأتحدّث إليه، كما كنت أتحدّث مع آدم في الجنّة، ومع إبراهيم ويعقوب وخدّامي الآخرين، وموسى وأيوب وأمثالهم. يعتقد الكثيرون أنّ كلمة "كفّوا" يجب أن تفسّر على أنها متعلّقة بشؤون هذا العالم، أي عندما نتكلّم إلى الله بالصلاة يجب الابتعاد عن كلّ ما هو دنيوي. إنّما أنا، بالله، أقول لكم إنّه رغم ضرورة الابتعاد عن ذلك خلال الصلاة، فحين يزورنا الربّ الرُّوح القدس ويحلّ فينا في ملء طيبته التي لا توصف، يجب الابتعاد عن الكلام في الصلاة أيضًا وحتّى إلغاء الكلام من الصلاة.
عند حلول الرُّوح القدس، يجب أن نكون صامتين تمامًا، كي تستطيع النفس أن تصغي بوضوح وتفهم جيّدًا تباشير الحياة الأبديّة التي يمنحنا إيّاها. فتكون النفس والرُّوح في حالة من الزهد التام والجسد في حالة من العفّة والطهارة. هكذا حصلت الأمور على جبل حوريب، عند نزول الله في سيناء، لأنّ الله "نار آكلة" (عب 12: 29)، ولا شيء نجس، جسديًّا أو روحيًّا، يستطيع أن يصل إليه.
القديس سيرافيم الساروفيّ (1759 - 1833)