مَنْ يَسْهَرُ مَعَ المَسيح ؟ «القوت اليومي
يَسْهَرُ مَعَ المَسيحِ مَنْ يَنْظُرُ إلى المُسْتَقبَل، ولا يَغْرُبُ عَنْهُ الماضي. مَنْ يَتَأمَّلُ في ما اسْتَحَقَّ لَهُ مُخَلّصُهُ، وَلا يَنْسى كَمْ تَألّمَ مِنْ أجْلِه.
يَسْهَرُ مَعَ المَسيحِ مَنْ يَتَذكّرُ صَليبَ المَسيح وَنِزاعَهُ، يُجَدِّدُهُما دَوْمًا في حَياتِهِ، وَيَلْبِسُ بِفَرَحٍ وِشاحَ الكآبَةِ الذي لَبِسَهُ المَسيحُ على أرْضِنا، ثُمَّ نَزَعَهُ حينَ صَعِدَ إلى السَّماء. فَتَرى الكُتّابَ المُلْهَمينَ كثيرًا ما يُعَبِّرونَ في رَسائِلِهِم عَنْ شَوقِهِمْ إلى مَجيئِهِ الثاني، وَيَتَكَلّمونَ على ذُكْرَياتٍ حَفِظوها في مَجيئهِ الأوَّل. فلا تَحْجُبُ قيامَتُهُ عَنْ عُيونِهِمْ حَقيقةَ صَلْبِه.
فالقِدِّيسُ بولُسُ يُذَكِّرُ الرومانِيِّينَ ضَرورَةَ انْتِظارِ "التَبَنّي افْتِداءِ أجْسادِنا" في اليومِ الآخِر. وَيُضيف "فإذا ما تَألّمْنا مَعَهُ، تَمَجَّدْنا مَعَهُ أيْضا". وَيَقولُ لأهْلِ كُورِنْتُس : "إنْتَظِروا مَجيءَ رَبِّنا يَسوعَ المَسيح" ؛ ثُمَّ : "علينا أنْ نَحْمِلَ دَومًا، وفي كُلِّ مَكان، في جَسَدِنا مَوْتَ يَسوع، لكي تَظْهَرَ حَياةُ يَسوعَ في جَسَدِنا". وَيُكَلّمُ أهْلَ فِيلِبّي على "قُوَّةِ قيامَتِهِ"، وَعلى الشَّرِكَةِ في آلامِهِ والتَّشَبُّهِ بِمَوتِهِ". وَيُعَزِّي أهْلَ كُولُسِّي بِرَجاءِ أنَّهُم "سَيَظْهَرونَ هُمْ أيْضًا في المَجْدِ لدى ظُهُورِ المَسيح"، كما سَبَقَ فأوْضَحَ لَهُمْ أنَّهُ "يُكَمِّلُ في جَسَدِهِ ما يَنْقُصُ مِنْ شَدائِدِ يَسوعَ المَسيح، مِنْ أجْلِ جَسَدِهِ الذي هُوَ الكَنيسَة".
(خطبة رعائية، 22)
الكَردينال نْيُومان (+1890)