مريم العذراء الطفلة السماوية المثلثة القداسة «القوت اليومي

 

 

 

 

 

 

 

أيتها الطفلة الـسَّـماوية المثلثة القداســة التي انتخِبت وتَعينت أمّاً لمنقذ العالـم وفاديه والتي اختيرت وسـيطةً عظيمةً لدى الله من أجلِ الخطأة الأشقياء الـمسـاكين. ارحميني أنا المُنطرِح على قدميكِ الطاهرتين أنا المعتبر واحد من الناكريّ الجميل والعديمي المعروف ولكني أبادر الآن إليكِ يا أمي مستغيثاً بكِ .

 

إنَّ كفري بالنِعَم ونسياني للإحسانات المصنوعة من الله ومنكِ وتصرفاتي الـسَّـيئة تجعلني مستحقاً أن أرذل من الله ومنكِ، ولكني أسمع عنكِ أمراً وأعتنقُه بصدق إذ انّي أعلم كم هي عظيمة مراحمكِ وهو أنه لا يمكنكِ أن ترفضي من التجأ إليكِ بحسن الرجاء ومن فوّضَ إليكِ أمره بثقة.

 

وبما أنّه لا يعلو فوقكِ أحدٌ سموّاً وقدرة ً وقداســة وربوبية إلّا الله وحده أيّتها المخلوقة الأشرف والأجَلْ والأقـدس من سـائر المخلوقات حتى أنَّ أكبر من هم في البلاط الـسَّماويّ هم بالنسـبة إليكِ وبإزائكِ صغارٌ جداً أنتِ أقدس القدّيـسين وبحر نِعَمٍ إمتلأت.

 

فأسعفي خاطئاً ذليلاً قد أضاع النعمة أنا أعرف جيداً أنّكِ محبوبة من الله وعزيزة جدّاً لديهِ جداَ حتى أنّه تعالى لا يمكن أن ينكر عليكِ شيئاِ من كلِّ ما تسـألينه وأعلم أيضاً أنكِ إنما تتصرّفين بالجاه والشّرف والعظمة الممنوحة لكِ تصرّفاً عائداً بجملتهِ لإفادة الخطأة البائسين أمثالي وإسعافهم.

 

أظهري مفاعيل عظمة النعمة التي حصلتِ عليها من الله باستمدادكِ لي نوراً لرشدي وحبّاً إلهيّاً متّقد الحرارة قادراً على أن ينقلني من حال الخطيئة إلى حالِ القداسـة التي أكون بها بارّاً أمام الله، وهكذا يقتلع من قلبي كلّ أميالي وانعطافاتي إلى الأشـياء الأرضيّة حتى لا يبقى فيَّ شيء منها، وألتهب بكلّيتي بالحبِّ الإلهيّ فإصنعي أيّتها الـسيِّدة معي هذا العمل الذي بلا ريب أنتِ قادرة على صنعِهِ فيكون صنيعُكِ هذا حبّاً بذاكِ الإله الذي صَيَّركِ عظيمةً مقتدرة رحومة بهذا المقدار، وهذا ما أرجوه من جودكِ و ليكن لي بحسبِ برحمتكِ آمـين.

               

 

 

 

  من كتاب "أمجاد مريم البتول"

للقديس ألفونس دي ليكوري