لنقدِّم أنفسنا لمن قدَّمَ نفسه عنا «القوت اليومي

 

 

إنّه فصح الرب، إنه الفصح! لنردّده لمجد الثالوث.

الفصح، بالنظر إلينا، عيد الأعياد، احتفال الاحتفالات، كما تكسِفُ الشمسُ النجوم، كذلك يكسِفُ هذا العيد الأعياد، ليس فقط أعياد البشر، بل أعياد السيد المسيح نفسه.

بالأمس ذُبِح الحمل، ونُضِحت الأبواب بدمه، وبكتْ مصر أبكارها، أمَّا نحن فنجونا بفضل الدم الزكي.

بالأمس كنت مصلوبًا مع المسيح، واليوم مُمجَّدٌ معه.

بالأمس كنت مائتًا معه، واليوم حيٌّ معه.

بالأمس كنت مدفونًا معه، واليوم قائمٌ معه.

 

فلنقدِّم لا الهدايا فحسب للذي تألم لأجلنا ثم قام، بل أنفسنا، فإنها أثمن الهدايا وأقربها إلى الله صورة الله فينا: لنعكِسَنَّ الضياء اللائق بها اعتبارًا لقيمتِنا، وإكرامًا لمِثالنا.

 


إذن لنفهمَن ذلك السر، ولماذا مات المسيح؟

لنتشبه بالمسيح لأنه تشبه بنا لنصِرْ آلهة معه لأنه صار إنسانا لأجلنا.

لقد اعتنق الشيء الأقل صَلاحًا ليُعطينا الأفضل.

تسوَّل بشرتنا لنغتني بفقره.

اتخذ شكل عبد ليُعِتقَنا من العبودية.

تنازل ليرفعَنا.

 

 

قبِلَ أن يُجرَّبَ ليُعينَنا على النصر

.احتُقِر ليُمجِّدنَا ومات ليُخلِّصنا.

صعد إلى السماء ليرفع إليه القابعين في الخطيئة.

فليُقدِّم كل واحد منا كل ما يملك للذي قدَّمَ نفسه فداءً عنا.

فإذا فهمنا سر الفصح فلا نستطيع أن نعمل أفضل من أن نقدِّم أنفسنا للمسيح، فنُضْحي على مثاله كما

أضحى هو على مثالِنا.

 

 

 

القديس غريغوريوس النـزينـزي