«لا تُمسِكيني، إِنِّي لم أَصعَدْ بَعدُ إِلى أَبي» «القوت اليومي
«لا تُمسِكيني، إِنِّي لم أَصعَدْ بَعدُ إِلى أَبي»
"قالَ لها يسوع: لا تُمسِكيني، إِنِّي لم أَصعَدْ بَعدُ إِلى أَبي". تتضمن هذه الكلمات حقيقةً يجب أن ننظر فيها بكثيرٍ من الانتباه. فالرّب يسوع علّم الإيمان لهذه المرأة التي تعرفّت عليه بصفته معلّمًا وأعطته هذا اللقب. فالبستاني السَّماوي قد غرس في قلب مريم المجدلّية حبّة الخردل كما لو كان زرعها في الحقل (راجع مت 13: 31). ولكن ما كان المقصد من عبارة، "لا تُمسِكيني، إِنِّي لم أَصعَدْ بَعدُ إِلى أَبي"؟...
يمكننا القول إن الرّب يسوع أراد من خلال هذه الكلمات أن يجعل إيماننا به، والذي من خلاله نلمسه روحيًا، يتحوّل إلى ايمانٍ بأنّه والآب واحد (راجع يو 10: 30). لأن الذي يتعمّق فيه حتى يتعرّف أنه مساوٍ للآب يرتفع نوعًا ما إلى الآب من خلال سرّ روحه. بمعنى آخر، لا يمكننا أن نلمس الرّب يسوع المسيح كما يريد، أي أن إيماننا فيه ليس الإيمان الذي يطلبه.
أما مريم (المجدليّة) فكان بإمكانها الإيمان به دون أن تعتبره مساويًا للآب: وهذا هو الخطأ الذي تفادى الربّ حصوله حين قال لها: "لا تُمسِكيني"، أي بمعنى آخر " لا تؤمني بي بالحالة التي أنت فيها حاليًا. توقّفي عن التفكير بما قمت به لأجلك، دون أن تتابعي في تفكيرك إلى هذه الطبيعة الإلهية التي خلقتكِ أنتِ". كيف كان بإمكانها ألا تؤمن بطريقة بشرية بذلك الذي ما زالت تندبه وكأنه إنسان؟ " قال لها: لم أصعد بعد إلى أبي، ويمكنكِ أن تمسكيني عندما تؤمنين أنني الربّ المساوي كليًا للآب.
القدّيس أوغسطينُس
أسقف هيبّونا وملفان الكنيسة
(354 - 430)