لأنّ الله لا يفرض عليك شيئاً «القوت اليومي

 

 

 

 

الله لا يفرض عليك شيئًا، حتّى ولا رغبته فيه وقصد محبّته عليك. إنّه لا يفرضهما إطلاقاً، بل يعرضهما فقط عليك، ما يحثّ حرّيّتَك على التجاوب معه، ويدفعها إلى الإبداع والابتكار معه. يرنّم المُرنّم: "أبدِعْ مُستقبلَك مع إلهك الذي يمنحك إيّاه":

 

 

الأمر هو مستقبلك، وأنت تُبدعه؛ وفي الوقت عينه أنت تُدعَه مع الله، الإله الذي يهبك إيّاه لأنّه خالق الأكوان والبشر، وهو سيّد تاريخ البشر ومستقبلك – وإن كنت أنت صانعَه-، ويمنحك القدرة على إبداع مستقبلك معه، في تضافر بين مشيئته وإرادتك، حتّى إنّه ليصعب عليك أن تُحدّد بالتمام ما يعود إليه وما يعود إليك، ذلك بأنّ هناك تناغماً وتضافرًا بين حرّيّته وحرّيّتك. ويُمكنك القول بأنّ ذلك ينبع منك مائة في المائة، ومنه تعالى مائة في المائة، وقد قال بولس في هذا الصدد:"اعملوا لخلاصكم بخوف ورعدة، فإنّ الله هو الذي يعمل فيكم الإرادة والعمل في سبيل رضاه. فافعلوا كلّ ما تفعلون..." (فل 2/12ت).

 

 

وفسّر القدّيس برنارْدُس ذلك الكلام بقوله: "لا تعمل النعمة جزءًا والإرادة الحرّة جزءًا آخر، ولكنّهما يعملان العمل كلّه بفعل واحد لا يتجزّأ: هو، بالطبع، يعمل كلّيّةً، والنفسُ أيضاً كلّيّةً؛ ولكنّها، إذ إنّها تعمل كلّيّةً فيه، فهو يعمل كلّيّةً بها". على مَن يبحث عن مشيئة الله على حياته، أن يذكر دائماً هذا المبدأ الروحيّ.

 

الأب فاضل سيداروس اليسوعي​