كبير القوم خادمهم «القوت اليومي

 

 

 

تذكّر هذا المثل: "إنَّ اللهَ يُكابِرُ المُتَكَبِّرين ويُنعِمُ على المُتَواضِعين" (يع 4: 6)، وفكّرْ دائمًا بكلمة الربّ يسوع المسيح عندما قال: "فمَن رَفَعَ نَفَسَه وُضِع، ومن وَضَع نَفسَه رُفِع" (مت 23: 12)... إن كنتَ تعتبرُ بأنّ لديك خصالاً جيّدة، كن فخورًا بها، ولكن من دون أن تنسى أخطاءك. لا تفتخرْ بما أنجزتَهُ اليوم، ولا تنسَ ما أسأتَ فعلَه في الماضي القريب والبعيد. إن كان الحاضر يعطيك سببًا للافتخار وتمجيد نفسك، تذكّر الماضي، فهكذا ستتخلّص من آفة الغرور السخيفة!

 

 

وإن أخطأ قريبك، فلا تحكم عليه فقط من خلال ذلك الخطأ، بل فكّر أيضًا بالأعمال الجيّدة التي يقوم بها أو التي قام بها، وغالبًا ما ستكتشف بأنّه أفضل منكَ إذا نظرتَ إلى حياتك كلّها من دون التركيز على صغائر الأمور. فالله لا ينظر إلى الإنسان بطريقة جزئيّة... ولنتذكّر دائمًا كلّ ذلك لكي نحفظ أنفسنا من الغرور من خلال اتّضاعنا في سبيل الارتقاء. 

فلنَقتَدِ بالربّ يسوع الذي نزل من السماء واتّضع إلى أقصى الحدود... ولكنّه تألّق بمجدٍ عظيم بعد هذا الاتّضاع، فمجّدَ معه كلّ مَن كان مُحتقرًا معه، وتحديدًا تلاميذه الأوّلين الذين جالوا في كافّة أنحاء العالم وهم فقراء ومجرّدون من كلّ شيء، من دون كلام الحكمة ومن دون أي رفيق مساند، بل سافروا لوحدهم كمشرّدين يتخبّطون وسط الصعوبات في البرّ والبحر.

 

 

وقعوا ضحيّة الضرب والجلد والاضطهاد حتّى لفظوا أنفساهم الأخيرة. هذه هي تعاليم أبينا السماويّ لنا، فلنَحذُ حذوَ التلاميذ الأوائل لكي نصل، نحن أيضًا، إلى المجد الأبديّ، تلك العطيّة الكاملة والحقيقيّة من الربّ يسوع المسيح. 

 

 

القدّيس باسيليوس ( 330 - 379)