فيضُ النِعَمْ وكمال نفس القدّيس يوسف «القوت اليومي
فيضُ النِعَمْ وكمال نفس القدّيس يوسف
القديس يوسف حظيَ، في عينيّ الكلمة المتجسِّد، كما في عينيّ أمّ الله على رسالةٍ خاصةٍ جدًّا، لم ينلها إنسانٌ آخر. ففي الحياة القريبة في كنف العائلة المقدسة، كزوجٍ وأبٍ وحارسٍ متيقّظٍ أمين، يُبنى تواصلٌ حميمٌ بين يوسف وبين الله، لا نجدُه عند باقي القدّيسين، يضعه في مصافِ الإتحاد بالله، مباشرةً بعد العذراءِ مريم.
فكم هي عظيمةٌ هذه النِّعمة المُعدة، والمُوكلَة من قبَلِ الله، لهذا الإنسان المختار من بين الجميع، والمؤتمن على أن يكون مرشدًا وحاميًا للكلمة الله الذي صار بشرًا لخلاص البشر، والموكل أيضًا كي يكون خطّيبًا وحارسًا متيقّظًا لبتوليّة مريم، بالمحبَّة الفائقة فضائلُها.
"فيوسف كان خطيبًا لمريم، وأبًا ليسوع المسيح، من هنا ينبع مصدر كرامته وتفوّقه وقداسته ومجده. إنما بالطبع، فإنّ كرامة أمّ الله هي أسمى من أن يُضاهيها أحدٌ.
كان كما أن يوسف كان مُتَّحدًا بالطوباوية البتول برباط الزواج، فلا شكّ أن ليس من بشرٍ يتقدم عليه بالكرامة الفائقة الرِّفعة، ولكن تتفوّق بها أمّ الله على كلّ الطبائع المخلوقة.
بالإضافة إلى هذه الإثباتات الصلبة، هنالك أمرٌ هامٌ يُضاف إلى دور القديس يوسف في سرّ التجسّد. فخلال حياة يسوع الخفيّة وقف يوسف إلى جانبه، كالحارس الممتلئ إيمانًا وتجرّدًا.
وبعد إنتهاء المَهَمَّة، اتّخذ دورًا لا يقلّ عظمةً عن الأوّل، ألا وهو حماية الكنيسة، وعبر هذه الكنيسة تستمرُّ مسيرة سرّ التجسّد على الأرض. فبما أنَّ يسوع المسيح هو رأس الكنيسة، هو يملك ملء النعمة التي تُعطى للرأس، وهذا الملء قد "نلناه جميعًا" (يو 1/16).
فإن كانت العذراء القدّيسة، كأم للبشرية، تملِكُ، هي أيضًا، نعمةً فائقة الكمال على كلِّ خلق الله، ذلك لأنها ستساعد على إضافة النِعمة على البشريّة جمعاء، أفلا نستطيع نحن أيضًا أن نؤكّد أنّ هذا الدور، لحامي الكنيسة، يشكِّلُ عنوانًا لفيضٍ غزيرٍ من النِعَم المُمَيَّزة التي يتحلى بها القدّيس يوسف؟
قاموس اللاهوت الكاثوليكي 1908