في المسيحِ قالَ اللهُ لنا كُلَّ شيء «القوت اليومي



كان جائِزًا في الشّريعَةِ استِجوابُ الله، وكان جَديرًا بالأنبياءِ والكهنةِ أنْ يتَوقوا إلى الرُّؤى والإيحاءات، لأنَّ الإيمان لمْ يَكُنْ بعدُ جليًّا، ولا الشّريعَةُ الإنجيليَّةُ مَوضوعة. لِذا كان مِن الضَروريْ أنْ يُعلِن اللهُ مَشيئتَهُ إمّا باستِعمالِهِ الكلامَ البَشريّ، أو بالرُّؤى والإيحاءات، مُجرَّدِ صُوَرٍ ورموز، أو بأيِّ وسيلةٍ أخرى للتّعبير...


 

  أمَّا الآن، وقد تأسَّسَ الإيمانُ في المَسيح، وَحدَّدَتِ الشّريعةُ الإنجيليَّةُ في عَهدِ النّعمَة، فلا مَجالَ بعدُ لاستِشارَةِ اللهِ على تِلكَ الطريقة، لكي يُكلّمَنا ويُجيبَنا. لأنّهُ عِندَما أعطانا ابنَهُ، والابنُ هُوَ كلمَتُهُ الأخيرَةُ القاطِعَة، قالَ لنا كُلَّ شيءٍ دُفعَة ً واحِدة، ولمْ يَعُدْ لديهِ ما يَقول.


هذا هُوَ تعليمُ مار بولسَ إلى العِبرانيِّين عندَما كان يُحَرِّضُهُم على تَركِ المُمارَساتِ البِدائِيَّةِ والعلاقاتِ مع اللهِ بَحَسَبِ شريعةِ موسى، حاثـًّا إيَّاهُم على التّحديقِ إلى المَسيحِ وَحدَهُ، ويَقولُ لهُم: "إنَّ الله َ الذي كَلّمَ الآباءَ قديمًا في الأنبياءِ كلامًا مُتَفرِّقَ الأجزاءِ مُختلِفَ الأنواع، كلّمَنا أخيرًا في هذهِ الأيّامِ في الابن".


وهكذا يُعلّمُنا الرَّسولُ أنَّ اللهَ صارَ نوعًَا ما أبكَم: لمْ يَبقَ لديهِ شيءٌ يَقولهُ لنا، لأنَّ كُلَّ ما قالهُ سابِقًا بِتَصريحاتٍ مُجَزّأةٍ في الأنبياء، يَقولهُ الآن بِنوعٍ كامل، مُعطيًا إيَّانا كُلَّ شيءٍ في الابن.



القدِّيس يوحَنّا الصليبيّ (+1591).