في الصَّمتِ المُقدّس «القوت اليومي
- ألضَّرورَةُ تُلجِئُ الذين يَهتمُّون بخلاصِ أنفُسِهِم، ويتَشَوّقون لِمَحبَّةِ رَبِّنا ولتَكميلِ وَصاياهُ المُقدّسة، أنْ يتدرَّبوا على السُّكوتِ كُلُّ واحِدٍ حسَبَ قُدرتِه.
- ما وُجِدَتْ غِبطَة ٌ في الفضائِل، مِثلُ أنْ يَهدأ الإنسانُ ويَكُفَّ عَنْ جَميعِ الأعمال، ويَصمُتَ عَن كُلِّ حديث. أمّا كَمالُ هذا العمَل، فهو مُخفىً عَنْ مَعرِفةِ الكثيرين.
- إذا انقطَعَ الإنسانُ عَنْ كثرَةِ الحَديثِ معَ النّاسِ، فهوَ يَرْجِعُ إلى ذاتِهِ، ويُقوِّمُ تَدبيرَ سيرَتِهِ حسناً أمامَ الله.
- كُلُّ تَدبيرٍ لهُ تَمهيدٌ بتَدبيرٍ يَسبِقُهُ. فالصَّلاةُ لا بُدَّ أنْ يَسبِقها خُلوَةٌ، والخَلوَةُ رفضُ العالم.
- كُلُّ إنسانٍ لم يتمرَّسْ طويلا ً في السُّكون، لا تَرجو أنْ تَتَعلّمَ مِنهُ شيئاً عنِ الأمورِ المُختَصَّةِ بالمَلكوت، ولو كان حَكيماً ومُعلّماً ولهُ كثرةُ أعمال.
- كُلُّ مَنْ هُوَ كثيرُ الكلام، حتّى ولو كان عالِماً بأمورٍ كثيرة، إعلمْ أنَهُ فارِغ ٌ مِنْ داخِل.
- إنْ كُنتَ مُحِبّاً لِلحَقّ، كُنْ مُحِبّاً لِلصَّمت. فالصَّمتُ يجعلـُكَ تُنيرُ كالشَّمس، ويُنقّيكَ مِن عدمِ المعرفة.
- أليومُ الذي لا تجلِسُ فيه ساعة ً معَ نفسِكَ، وتُفكّرُ في أيِّ شيءٍ أخطأتَ، وبأيِّ أمرٍ سقطتَ، وتُقوِّمُ نفسَكَ، لا تَحسِبْهُ مِن عَدَدِ أيّامِ حياتِكَ.
- أحِبَّ السُّكوتَ يا أخي، لأنَّ فيهِ حياةً لِنَفسِكَ. بالسُّكونِ تَرى ذاتَكَ، وخارِجاً عنِ السُّكونِ لا تَرى إلّا ما هُوَ خارِجٌ عنكَ. وما دُمتَ تنظرُ غَيرَكَ فلن تنظـُرَ نفسَكَ.
- ألفرقُ بين حِكمَةِ الرُّوحِ وحِكمَةِ العقل، أنَّ الأولى تقودُكَ إلى الصَّمتِ والثانيَة تَدفعُكَ إلى التَّبجُّح. والصَّمتُ الحَكيمُ يَقودوكَ إلى الاتّـِضاعِ، أمّا التّبَجُّحُ والعِناد، فيقودانِكَ إلى الصَّلفِ والكِبرياء.
- إذا كان لِسانُكَ يَغلِبُكَ، فصدّقني أنّكَ لن تَقدِرَ أنْ تَتَحرَّرَ من الظـُّلمَةِ التي تُحيط ُ بِكَ.
- ألإنسانُ الذي يُطلِقُ لِسانَهُ على النّاسِ بالجَيِّد والرَّدِيء، لا يُؤهَّلُ لِنِعمَةِ الله.
- إذا أرَدْتَ أنْ تعرِفَ رَجُلَ الله: إستَدِلَّ عليهِ مِن دوامِ سُكوتِهِ.
مارِ إسحَقَ السُّريانيّ (أوخر القرن السّابع).