في الصَومِ المُقَدَّس «القوت اليومي
* مائدةُ الإنسان الذي يُداومُ الصلاةَ هي أحلى مِنْ عِطرِ المِسكِ و أذكى مِنْ أريجِ الزهرِ، ومُحِبُّ اللهِ يتوقُ إليها كإلى كنزٍ لا يُقَوَّمُ بثمن.
خُذْ لنفسِكَ شفاءً لحياتِكَ مِنْ مائِدةِ الصائمينَ الساهرين، أ��ولئِكَ العاملين في الرّب، وانهَضْ بنفسِكَ من مَواتِها. بين هؤلاء يَتَّكىءُ الحبيب، وَ يُقدِّسُهُم مُحَوِّلاً مرارةَ ريقِهم إلى حلاوةٍ تَفوقُ التعبير.
* حينَ يَنحُلُ الجسدُ بالأصوامِ والإماتَة، تَتَشَدّدُ النفسُ بالصلاةِ.
* ألجوعُ أكبرُ مُعينٍ على تهذيبِ الحواس.
* في بطنٍ مُتخَمٍ بالأطعمةِ، لا مكان لمعرفةِ أسرار الله.
* كُلُّ كِفاحٍ للخَطيئةِ وَ شهواتها يَجِبُ أن يَبتديءَ بالصوم، خصوصاً إذا كان الجهادُ يتناولُ خطيئةً داخليّة.
* إذا ابتدأتَ بالصومِ في جِهادِكَ الروحيّ، فقد أظهرتَ كُرهكَ للخطيئة، و صارَ النصرُ منكَ في منالِ الباع.
*الصومُ مُقدِّمةٌ لِكلِّ الفضائل، بَداءَةُ المعركَة، تاجُ النَصرانيّة، جَمالُ البتوليّة، حِفظُ العِفّة، أبو الصلاة، نبعُ الهدوء، مُعَلِّمُ السُكوت، بَشيرُ الخير.
بمجرّدِ أن يبدأ الإنسانُ بالصوم، يتَشَوَّقُ العقلُ عِشرَةَ الله.
* حينَ أظهَرَ مُخَلِّصُنا الصالِحُ نفسَهُ للعالَم عندَ الأردُنّ، ابتدأَ من هذه النُقطة: فورَ اعتمادِهِ، قادَهُ الروحُ إلى البرّيّة، فصامَ أربعين يوماً و أربعين ليلة. وكُلُّ الذينَ يُريدونَ أن يَقتفوا خُطاه، يَجِبُ أن يُؤَسِّسوا جهادهم على نموذَجِ عمَلِهِ.
* يُقالُ في الشُهداءِ إنّهُم، حين كانَ يَبْلُغُهُم خبرُ اليوم الذي سينالون فيهِ إكليلَهُم، لا يذوقون شيئاً بَتَّةً في الليلةِ السابقة، ولا يتناولون طعاماً، و لكنّهم ينتصبونَ مِنَ المساءِ إلى الفجرِ في الصلاة، مُتَيقّيظين في شُكرٍ وحمدٍ، بتراتيلَ و تماجيدَ و تسابيحَ وألحانٍ روحيّةٍ شَجيّةٍ، مسرورين مُنتعشين، مُترقّبين تلكَ اللحظة، كما يشتاقُ الناسُ إلى دخولِ بيتِ العُرس. يتوقونَ، وهم صائمون، إلى ضربَةِ السيفِ يُكَلّلهُم بإكليلِ الشهادة.
و نحنُ، أيُّها الإخوة، هكذا يجِبُ أن نكونَ على الدوام، مُستعدّينَ مُتَوقعين الشهادة الخفيّة و نوال إكليل الطهارة.
مِنْ أقوالِ مار اسحقَ السُّرياني (أواخر القرن السابع)