عَقيدَةُ انْتِقالِ العَذراء : «القوت اليومي
الأساس اللاهوتي
إنَّ اللهَ الجَوَّاد، القادِرَ على كُلِّ شَيْء، والقائِمَ تَدْبيرَ عِنايَتِهِ على الحِكْمَةِ وَالمَحَبّة، إنَّما يُخَفِّفُ، عَنْ قصْدٍ خَفِيّ، آلامَ الشُّعوبِ وَالنَّاسِ بِما يَزْرَعُ مِنْ أفْراح، بِحَيْثُ يتَّجِهُ كُلُّ شَيْء، على اخْتِلافِ الأسْبابِ والأساليب، إلى خَيْرِ مُحِبِّيه.
وَإنْ كانَت حَبْريَّتُنا، شَأنَ العَصْرِ الحاضِر، مُثْقّلةً بِالهُمومِ وَالغُمومِ وَالأحْزانِ بِسَبَبِ الشَّدائِدِ الكَثيرَة، وَانْصِرافِ الكَثيرينَ عَنِ الحَقِّ وَالفَضيلة، فإنَّنا نَتَعَزَّى تَعْزِيَةً كُبْرى عِنْدَما نَرَى، بَيْنَ مَظاهِرِ الإيمانِ الكاثوليكِيِّ العَلنيَّةِ العَمَليَّة، عبادةَ أُمِّ اللهِ تَنْتَشِرُ وَتَضْطَرِمُ يَوْماَ عَنْ يَوْم، وَتُبَشّرُ في كُلِّ مَكانٍ بِحَياةٍ أفْضَلَ وَأقْدَس.
وَعلى هذا، فَفيما تَقومُ العَذرآءُ الطُّوباويَّة نَحْوَ المُفتَدَيْنَ بِدَمِ المَسيح، بِمَهَمَّتِها الوالِديَّة بِحُبٍّ جَمّ، تَنْصَرِفُ عُقولُ أبْنائِها وَقلوبُهُمْ إلى تَأمُّلِ امْتيازاتِها تَأمُّلاً دَقيقاً جاهِدا.
ولا غَرْوَ فاللهُ الذي نَظَرَ مُنْذُ الأزَلِ إلى البتولِ مَرْيَمَ نَظْرَةَ عَطْفٍ خاصّة، قدْ تَمَّمَ حُكْمَ عِنايَتِه، عِنْدَ تَمامِ الزَّمَن، فَتَجَلَّتْ بانْسِجامٍ تامٍ الامْتيازاتُ وُالخَّواصُ التي سَبَقَ وَمَنَحَها إيَّاها بِجودَتِهِ الفائِقة.
وإنْ كانَتِ الكَنيسَةُ قدْ تَبَيَّنتْ دائِماً هذِهِ الجُودَةَ وَهذا الانْسِجام، وَاسْتَرْسَلَتْ في البَحْثِ على مَمَرِّ الأجْيال، فإنَّما قدْ سَطَعَ بِأبْهى ضِياءٍ في عَصْرِنا الحاضِرِ. إمْتيازُ انْتِقالِ مَرْيَمَ البَتولِ وَالِدَةِ اللهِ إلى السَّماءِ بالنَّفْسِ وَالجَسَد.
(الدستور الرسولي)
البابا بِيُّوسَ الثّاني عَشَر(+1958 )