على الصَّليبِ قُرْبانُ القرابين «القوت اليومي

 يا لَقُوَّةِ الصَّليبِ المُذهِلة !  ويا لَمَجْدِ الآلامِ فائقِ الوَصْف ! هُوَ الحُكْمُ على رَبِّنا، والقضاءُ على العالم، وقُدْرَةُ المَصْلوب.

أجَل، رَبِّ، لقدْ جَذبْتَ الكُلَّ إليك، فمِنْ عِبادَةٍ لَمْ تُؤدَّ إلّا في هَيْكَلِ القُدْسِ اليَهُودِيّ، وفي ظِلِّ الرُموز، جَعَلْتَ عِبادَةَ الكوْنِ والشُّعُوبِ كافَّة، مِلْءَ وُضوحِ سِرِّكَ الكامِل !

صَليبُكَ يَنْبوعُ البَرَكاتِ وَمَبْدأُ النِّعَم. بِهِ يَنالُ المُؤمِنونَ مِنْ ضَعْفٍ قُوَّة، وَمِنْ عارٍ مَجْداً، وَمِنْ مَوْتٍ حَياة. الآنَ انْتَهَتِ الذبائِحُ الحَيَوانِيَّة، أمَّا قُرْبانُ جَسَدِكَ وَدَمِكَ، قُرْبانُكَ الأوْحَد، فيَجْمَعُ وَيُكَمِّلُ الذبائِح، لأنَّكَ حَمَلُ اللهِ الحَقُّ الحامِلُ خَطيئةَ العالم. لقدْ بَلغْتَ بِجَميعِ الأسْرارِ التَّمام : فكما أنِّ ذبيحتَكَ الواحِدَةَ تَحِلُّ مَحَلَّ الذبائِحِ جَميعا، كذلكَ أصْبَحَ جَميعُ الشُعوبِ مَلكوتاً واحِداً !

بِمَوْتِكَ خَضَعْتَ لِشَريعَةِ الأمْوات، فَنَقضْتَها بِقيامَتِكَ ! كَسَرْتَ سُلطانَ المَوْتِ المَحْتومِ وكأنّهُ أبَديّ، فجَعَلتَهُ عابِرا. فبِآدَمَ يَموتُ الناسُ أجْمَعون، وَبِكَ جَميعُهُمْ يَحْيَون.

(خطبة عن الآلام، 8 /6 - 8)

القدِّيس البابا لاوُنَ الكبير (+461)