صوتُ الكلمة وسراجُ المسيح «القوت اليومي
يوحنّا هو الصّوت، وفي البدء كان الكلمة السّيّد.
يوحنّا هو الصّوت العابر، وفي البدء كان المسيح الكلمة الأزليّة.
إرفعوا الكلمة، فما يكون الصّوت؟
الصّوت بغير الكلمة يقرعُ الأذن، ولا يُغذّي القلب.
لنُلاحظ الترتيب في الأمر، ولو كان الأمر متعلّقاً بتغذية قلوبنا: عندما أفكّر بما عساني أقول، فالعبارة حاضرةٌ في قلبي. وإذا أردتُ أن أكلّمكَ، أهتمّ في أن أجعل قائماً في قلبكَ ما هو قائمٌ في قلبي.
آنذاك أفتّش كيف يُمكن أن تحلَّ فيكَ العبارة السّاكنة فيَّ، فاستعين بالصّوت لأكلّمكَ. ضجّتُهُ تُعلمُكَ بعبارتي وبمعناها.
ومن ثمّة، عندما ينتهي كلّ شيء، تتلاشى الضّجّة، بينما كلمتي التي جاءَكَ بها الصّوت، هي من الآن فصاعداً فيكَ، ولا تزالُ فيَّ.
رنّة صوتي، ألا تسمعها تقول هي أيضاً، بعد نقل كلمتي: "ولهُ ينبغي أن ينمو ولي أن أنقُص"؟
يُدوّي الصّوت ويتمُّ مهمّته، ثمّ يتلاشى، كأنّه يقول: "في هذا مسرّتي، وفرحي الآن قد تمَّ".
لنتمسّك بكلمة الآب، ولا نُضع العبارة التي تكوّنت في عُمق أعماقنا.
أتُريد برهاناً على أنّ الصّوت يمُرُّ، والكلمة الإلهيّة تبقى؟
أين هي اليوم معموديّة يوحنّا؟ لقد أتمَّ مهمّته وغاب.
ونحنُ الآن نُمارس معموديّة المسيح، كلّنا نُؤمنُ بالمسيح، وكلّنا نترجّى منهُ خلاصنا: تلك كانت الرّسالة ونتيجة الصّوت.
القدّيس أغوسطينوس