سِرُّ التّجَسُّدِ يُنيرُ سِرَّ الإنسان «القوت اليومي
بِالحَقيقةِ لا تُلقى الأضْواءُ الحَقّة ُ على سِرِّ الإنسانِ إلّا مِنْ خِلالِ سِرِّ الكَلِمَةِ المُتَجَسِّد. فآدَمُ الإنسانُ الأوَّلُ كان صورَةً لذلِكَ الآتي، أي السَّيِّدِ المَسيح.
فالمَسيح، آدَمُ الجَديد، يَكْشِفُ لنا عَنْ سِرِّ الآبِ وعَنْ مَحَبَّتِه، وَيُبَيِّنُ لِلإنسانِ ما هُوَ عليهِ بِالذات، كاشِفاً لهُ عَنْ سُمُوِّ دَعْوَتِهِ. فلا عَجَبَ إذاً أنْ يَكون هُوَ مَصْدَرُ الحَقائِقِ التي تَكَلّمْنا عليها، تِلك التي تَبْلغُ فيهِ ذ ُرْوَتَها.
"إنه صورَةُ اللهِ غيرِ المَنْظور"، إنّهُ الإنسانُ الكامِلُ الذي رَمَّمَ في ذ ُرِّيَّةِ آدَمَ المِثالَ الإلهيَّ الذي شَوَّهَتْهُ الخَطيئة الأولى، لأنّهُ هُوَ الذي أخَذ الطبيعَة البَشَريَّة دون أنْ يَمْتَصَّها، فرَفع هَكذا طَبيعَتَنا أيضاً الى مَرْتَبَةٍ وكَرامَةٍ لا مَثيلَ لهُما.
فبِتَجَسُّدِهِ اتَّحَدَ ابنُ اللهِ نَوعاً ما بِكُلِّ إنْسان. لقدِ اشْتَغَلَ بِيَدَي إنسان، وفكّرَ كما يُفكّرُ الإنسان، وَعَمِلَ بإرادةِ إنسان، وأحَبَّ بِقلبِ الإنسان. لقدْ وُلِدَ مِن العَذراءِ مَريَم، وصارَ حَقّاً واحِداً مِنّا، شَبيهاً بِنا في كُلِّ شيءٍ ما عَدا الخَطيئة.
(دستور راعوي ، 22)
من وثائق المجمع الفاتيكاني الثاني المسكوني