زوابع الحياة «القوت اليومي
زوابع الحياة
إنّ الحياة هي بحر نجتازه للوصول إلى الأبدية. أمّا زوابع هذا البحر، بحر الحياة فهي كلّ الحوادث المكدّرة التي نصادفها، ماديّة كانت أم روحية، أي إن أثّرت في الجسد أم في النفس.
زوابع الحياة هي الأمراض. تقوم ضد جسدنا، ذاك المركب الضعيف ، جسدنا، تمزّقه، تكسره، وأخيرًا ترمي بقاياه على شاطئ القبر.
زوابع الحياة هي خسارة الخيرات التي نكون ربحناها وجمعناها بالكدّ والتعب، فتهبّ زوبعة دعوى، سرقة، غرق، حريق، إفلاس وتلتهم ما جمعناه.
زوابع الحياة، هي المؤامرة ضدّنا. بالخيرات نكون اكتسبنا قلب القريب، لسان مرّ يقدح بعرضنا فيبدّل الاحترام بالاحتقار.
زوابع الحياة هي مصائب أقاربنا...
يوجد نوع آخر من هذه العواصف للحياة، وهي عواصف النفس القائمة لتفقّدها استحقاقها والأبدية السعيدة: الشكوك، الغواية، وساوس الشيطان، شهواتنا.
علينا أن نلاشي كلّ هذه الغيوم ببصيرة الإيمان كما تلاشي الشمس غشاء الليل عند طلوعها.
هذا الشاب سقط لعدم سهره على حواسه ومشروبه .
هذه المرأة سقطت حبًا بالانتقام من قريبها.
هذا الرجل فقد حياة شريفة بسبب طمعه وتكبّره.
إن كنّا قديسين لا بدّ من هذه الزوابع. مريم ويسوع تكبّداها، انظروه في بستان الزيتون يشرب الكأس حتى العكر.
الله يريد هذه العواصف لأنّه قادر على كلّ شيء وبما أنّه حكيم للغاية، لا يريد هذه العواصف إلّا لغاية حميدة ولأسباب صوابية.
الله أراد زوبعة بحيرة جناسر لأمرين: لإظهار مجده ولفائدة تلاميذه. وهكذا عواصف البشر.
1ـ لمجده: عند وجودنا في خطر مهمّ، نلتفت إلى الله معترفين بقدرته ورحمته. كم من الذين لولا الضربات لما كانوا يفكّرون به تعالى.
2ـ لفائدتنا: وكيف ذلك؟ لأنّنا خطأة أو فاترون أو أبرار.
إن كنّا خطأة قساة، العاصفة تليّن قلوبنا. كم من غنيّ، من قويّ، رجع إلى الله عند الفقر أو عند فقدان الصحّة.
وإن كنّا فاترين، الزوبعة تفيقنا من رقادنا.
وإن كنّا أبرارًا، تزيد الزوبعة أجرنا واستحقاقنا. هذا ما صنعه الله مع قدّيسيه.
مثل الابن الشاطر لولا المصائب لما رجع إلى أبيه، ابن قائد المئة لولا مرضه لما لجأ أبوه إلى يسوع ونالوا جميعًا الأمان.
من كتابات الأب يعقوب الكبوشي