ركائز السّلام «القوت اليومي
إنّ السّلام يرتكز في النفوس على روحٍ جديدٍ يُنعشُ الحياة المشتركة بين الشعوب، وعلى ذهنيّةٍ جديدةٍ حِيالَ الإنسان ومصائره.
والطريق لا تزال طويلةً حتّى تعمّ هذه الذهنيّة وتُصبح نافذة، إذ لا بدَّ من تنشئة الاجيال الطالعة على الاحترام المتبادَل بين الأمم، وتآخي الشعوب وتعاون مختلف الفئات في سبيل تنميتها ورُقيّها.
كذلك لا يُمكن أن يُنادي شرعاً بالسّلام مَن لا يعترف بالأسس الوطيدة لهذا السّلام ويحترمها، عَنَيْتُ الإخلاص والعدل والمحبّة في العلاقات بين الدّول، وفي نِطاق كلّ دولة، بين المواطنين، وبين هؤلاء وحكّامهم، والحرّيّة للأفراد والشعوب في جميع مظاهر هذه الحرّيّة، سواءٌ على الصعيد المدنيّ أو الثقافيّ أو الأدبيّ أو الدّينيّ. وإلا فلن نجد السّلام، بل سلسلةً متّصلة من الثورات والحروب؛ هذا ولو قُيِّضَ للإرهاب التمويه بمظاهر النظام والشرعيّة.
ففي سبيل إقرار السّلام الحقيقيّ، السّلام المبنيّ على العدل والتوازن، في الاعتراف المُخلص بما للإنسان من حقوقٍ وبما لكلّ أمّةٍ من استقلال، ندعو حكماء الناس وأقوياءَهم إلى أن يُكرّسوا يوم السّلام.
وإنّا لنتمنّى أخيراً ألا تؤول الإشادة بهذا الهدف السّامي الذي هو السّلام إلى تشجيع الجمود عند مَن يخشون بذل الحياة في خدمة بلادهم وإخوانهم، عندما ينبري هؤلاء للدّفاع عن العدالة والحرّيّة، إنّما يسعون إلى التهرّب من المسؤوليّات والأخطار التي يستلزمها القيام بالواجبات الخطيرة والأعمال النبيلة.
فكلمة السّلام لا تعني التسليم ولا تُبطن الجُبن والكسل في الحياة، بل تُنادي بالأحرى باسمى واشمل قيم الحياة، قيم الحقّ والعدالة والحرّيّة والمحبّة.
قداسة البابا بولس السادس