دَعْوَةُ الرُّسُل «القوت اليومي
جاؤوهُ صَيَّادي سَمَك، فصاروا صَيَّادي البَشَر ! فلو أرْسَلَ حُكَماء، لَقِيلَ : إنَّهُمْ أفْحَموا الشَّعْبَ وَرَبِحوه، أو غَشُّوهُ واسْتَولوا عليه ! ولوْ أرْسَلَ أغْنياء، لَقِيلَ : إنَّهُمْ خَدَعوا الشَّعْبَ بِإطْعامِهِ، أو أغْوَوهُ بِمالٍ فتَسَلَّطوا عليه ! لو أرْسَلَ رِجالاً أقوياء، لَقِيلَ : إنَّهُمْ جَذَبوهُ بِالقُوَّة !
والرُّسُلُ لم يَكونوا على شَيْءٍ مِنْ هذا. وَقدْ بَرْهَنَ الربُّ على ذلكَ بِمَثَلِ سِمْعان : كانَ جَباناً، فرَجَفَهُ صَوْتُ جاريَة. وكانَ فقيراً، فلمْ يَسْتَطِعْ أنْ يَدْفَعَ قِسْطَهُ مِنَ الجِبايَة، نِصْفَ إسْتار : ليْسَ لدَيَّ ذهَبٌ ولا فِضَّة ! وكانَ غَيْرَ مُثقَّف، فأنكرَ الرَّبَّ ولمْ يَعْرِفْ أنْ يَجِدَ لِلتَّخَلُّصِ مَخْرَجاً !
ذهبَ صَيَّادو السَّمَكِ وانْتَصَروا على الأقوياءِ وَالأغْنياءِ والحُكماء. يا لَلمُعْجِزَة ! على ضَعْفِهِمْ جَذبوا الأقوياءَ إلى إيْمانِهِمْ دونَ عُنْف، على فقرِهِمْ عَلَّموا الأغْنياء، على جَهْلِهِمْ جَعَلوا مِنَ الحُكماءِ وَالفُهَماءِ تَلاميذ. إنَّ حِكمَةَ العالمِ قدْ تَرَكَتْ مَكاناً لِتِلكَ الحِكْمَةِ التي هِيَ حِكْمَةُ الحُكماء.
مارِ أفرامَ السُّريانيّ (+373)