ثمرتا التينة «القوت اليومي
في طبيعة هذه الشجرة ما يكفي لإقناعكم أكثر بأنّ هذه المقارنة ترسم لنا صورة الهيكل. فإن ألقيتم نظرة عن كثب، ستجدون أنّ قوانين هذا النوع مختلفة عن قوانين الأشجار الأخرى. فالأشجار الأخرى تزهر قبل أن تحمل ثمارها، وتعلن عن الثمار الآتية من خلال وعد الزهرة؛ هذا النوع وحده يحمل الثمار منذ البداية بدل الزهر. في الأشجار الأخرى، تسقط الزهرة وتظهر الثمار؛ في هذا النوع، تسقط الثمار لتترك مكانها للثمار. هكذا، فإنّ هذه الثمار الأولى تظهر مكان الزهر؛ وكونها لم تعرف نظام الطبيعة في ولادتها المبكرة، فهي لا تستطيع المحافظة على ميزة الطبيعة.
هكذا، حين تتغطّى الأشجار الأخرى بالبياض في بداية الربيع، التينة وحدها لا تتغطّى بالزهر، ربّما لأنّه لا يمكن انتظار النضوج من هذه الأنواع من الثمار. لأنّ ثمارًا أخرى تظهر، فتسقط هذه عن الشجرة؛ تصبح ساقها الضعيفة يابسة وتترك مكانها لتلك التي سيكون النسغ مفيدًا أكثر لها. لكن يبقى بعض الثمار النادرة التي لا تسقط، كونها نمت على ساق قصيرة، بين عضيدين: مغطّاة مرّتين ومحميّة كما في أحشاء الطبيعة الأم، فقد غذّاها نسغ كثيف وسمح لها بالنمو.
هكذا، فإنّ طبيعة هذه الشجرة تشير إلى ميزة الهيكل، مثمرة في نموّها الثاني- لأنّنا من سلالة آباء الكنيسة- فيما يقارَن اليهود بالثمار الفاسدة لأنّ قلبهم القاسي ورأسهم العنيد لم يسمحا لهم بالتوصّل إلى حالة ثابتة. إن ماتوا وسقطوا من هذا العالم ليولدوا مجدّدًا من خلال نعمة العماد، سيكونون حينئذٍ مثمرين.
ما قيل عن اليهود يجب أن يحثّنا على الاحتراس بشأن أنفسنا، خشية أن نُعدّ من أبناء الكنيسة بدون استحقاق، نحن المباركين كالرمّان (راجع حج 2: 19)، الذين يجب أن نحمل ثمارًا داخليّة، ثمار الحشمة، ثمار الوحدة، ثمار المحبّة المتبادلة، كوننا موجودين في حشا أمّنا الكنيسة نفسه، كي لا يفسدنا الهواء، أو يؤذينا البرد، أو تحرقنا نار الطمع أو تفصلنا الرطوبة والأمطار.
القدّيس أمبروسيوس (نحو 340 - 379)،
أسقف ميلانو وملفان الكنيسة