تَعالَوا، يا مَن بارَكَهم أَبي «القوت اليومي
"تَعالَوا، يا مَن بارَكَهم أَبي، فرِثوا المَلكوتَ المُعَدَّ لَكُم مَنذُ إِنشاءِ العَالَم".
تعالَوا يا مَن أحببتم الفقراء والغُرباء؛ تعالَوا يا مَن بقيتم أوفياءَ لمحبّتي لأنّني أنا المحبّة... ها إنّ ملكوتي مُعدٌّ وسمائي مفتوحة. ها إنّ خلودي يظهر في بهائِه. "تعالوا جميعاً فرِثوا المَلكوتَ المُعَدَّ لَكُم مَنذُ إِنشاءِ العَالَم".
وإذا بالأبرار يتفاجأون من دعوتهم للاقتراب كأصدقاء - يا للعجب – من ذاك الذي لا تراه القوّات الملائكيّة بوضوح، ويجيبون بصوتٍ قويّ: «يا رَبّ، متى رأَيناكَ؟ هل كنت جائعاً فأَطعَمْناك؟ يا سيّد، هل كنت عَطشانَ فسَقيناك؟ وكنت عُرياناً فكَسَوناك، أنت مَن نَعبُد؟ وأنتَ أيّها الخالد، متى رأَيناكَ غريباً فآويناك؟ أنتَ يا مَن أحببت ابن الإنسان، متى رَأَيناكَ مريضاً أَو سَجيناً فجِئنا إِلَيكَ؟
أنتَ هو الأزليّ، وأنتَ مع الآب من دون بداية، وتُشارك في الأبديّة مع الروح. أنتَ خلقتَ كلّ شيء من العدم، وأنتَ ملك الملائكة، وأنتَ من تخشاه أسافل الأرض. أَنتَ المُلتَحِفُ بِالنُّورِ كرِداءٍ (مز104: 2) وأنتَ من جَبَلَ الإِنسانَ تُرابًا مِنَ الأَرض (تك2: 7)، وأنتَ مَن خَلق الكائنات غير المرئيّة. "مِن وَجهِك هَرَبَتِ الأَرضُ والسَّماء" (رؤ20: 11). فكيف استقبلنا مُلكك وسلطتك؟
فأجابهم ملك الملوك قائلاً: "كُلَّما صَنعتُم شَيئاً مِن ذلك لِواحِدٍ مِن إِخوتي هؤُلاءِ الصِّغار، فلي قد صَنَعتُموه. كُلَّما استقبلتم وكسوتم هؤلاء الفقراء الذين حدّثتكم عنهم، وأطعمتموهم وسقيتوهم وهم أَعضائي الكَثيرَة (1قور12: 12)، فلي قد صَنَعتُموه. لكن تعالوا فرِثوا المَلكوتَ المُعَدَّ لَكُم مَنذُ إِنشاءِ العَالَم. فتستمتعون أبدًا بخيرات أبي الذي في السماء، وبالروح القدس الذي يعطي الحياة". أي لغة يمكنها أن تصف هذه الحسنات؟ "ما لم تَرَهُ عَيْنٌ ولا سَمِعَت بِه أُذُنٌ ولا خَطَرَ على قَلْبِ بَشَر، ذلكً ما أَعدَّه اللهُ لِلَّذينَ يُحِبُّونَه" (1قور2: 9).
القدّيس هيبوليطس الرومانيّ