تأثير الرّوح في النّفس «القوت اليومي
إنّ الرّوح القدس يعملُ كلّ شيءٍ للخير وللخلاص.
إنّ مجيئهُ لطيف، والشّعور الذي يُثيرهُ عذبٌ، ونيرَهُ خفيف.
تسبقُ مجيئه أشعّةٌ من النّور والمعرفة.
إنّهُ يأتي بأحشاء مُؤيّدٍ حقّ، لأنّهُ يأتي ليُخلّص ويشفي، ليُعلّم ويُحذّر، ليُقوّي ويُعزّي، ليُنير العقل.
إنّهُ يُنير عقلَ مَن يتقبّلهُ وبواسطة عقول الآخرين. وكما أنّ الذي يكونُ في الظلام ويفتحُ عينيه فجأةً على ضوء الشّمس، يرى بوضوحٍ ما لم يكُن يراهُ من قبل، كذلك الذي يسكنُ فيه الرّوح القدس، تستضيءُ نفسهُ ويرى أشياء تفوقُ مرأى الإنسان، ولم يكُن يعرفها.
إنّ جسدهُ على الأرض، لكنَّ نفسهُ تعكسُ السّماوات كالمرآة، فترى كما رأى أشعيا: "الرّبّ جالساً على عرشٍ عالٍ" (أشعيا6/1)؛ وكما رأى حزقيال: "الذي على رؤؤس الكيروبيم" (حز10/1)؛ وكما رأى دانيال: "رِبواتِ رِبواتٍ وألوفَ ألوف" (دانيال7/10)؛ والإنسانُ هذا الكائنُ المُتناهي والصّغير، يرى بداية العالم ونهايته، والأوقات التي تتوسّطهُما، ويعرفُ تعاقُبَ الممالك.
وهي كلّها أشياءُ لم يتعلّمها، لأنّ المُنيرَ الحقّ حاضرٌ فيه. تحيطُ الأسوارُ بالإنسان، لكنَّ عقلهُ يذهبُ به إلى بعيد، فيرى ما يحدثُ عند الآخرين.
القدّيس كيرلّس الأورشليميّ