بفضل درع الرّوح، سينتصرون «القوت اليومي
منذ اليوم الذي خُلِقَ فيه آدم وحتّى نهاية العالم، أوتيَ الشّرّير أن يحارب القدّيسين بدون كلل... ومع ذلك، قليلون هم الذين يدركون أنّ مُدمّر النفوس يسكن جسدهم، قريباً جدّاً من نفسهم. يقعون في محنة وما من أحد على الأرض ليواسِيَهم.
لذلك ينظرون إلى السّماء حيث يوجّهون انتظاراتهم، لكي يحصلوا من هناك على شيء ما في داخلهم. ومن خلال هذه القوّة، وبفضل درع الرّوح، سينتصرون. فمن السّماء، في الواقع، يحصلون على قوّة تبقى محجوبة عن عيون الجسد.
طالما هم يبحثون عن الله من كلّ قلبهم، فإنّ قوّة الله تأتي سرّاً لمساعدتهم في أيّ وقت... فلأنّهم يلمسون ضعفهم بإصبعهم، ولأنّهم يعجزون عن الإنتصار، لذلك يطلبون بشغف درع الله، وإذ هم مكسوّون هكذا بتجهيزات الرّوح للصّراع، فإنّهم ينتصرون... إنّ كلّ الذين حضّروا نفسهم لتصبح أرضاً طيّبة للزّرع السّماويّ، يسرع الشّرّير ليزرع فيهم زؤانه...
لكن الآن، يا إخوتي، تشجّعوا ولا تخافوا شيئاً. لا تدعوا تهيّؤات الشّرّير تُخيفكم. في الصّلاة، لا تدخلوا في صراع غامض بإطلاق صرخات غير مناسبة، بل اقبلوا نعمة الرّبّ بالتوبة والندامة...
تشجّعوا، واهدأوا، واصمدوا، واقلقوا على نفوسكم وواظبوا على الصّلاة... لأنّ الذين يبحثون حقيقةً عن الله، يحصلون في نفسهم على قوّة إلهيّة، وإذ يحصلون على هذه المسحة السّماويّة، سيشعرون جميعاً في داخلهم بطعم العالم الآتي وعذوبته. فليرافقكم سلام الرّبّ، ذلك السّلام الذي رافق جميع الآباء القدّيسين وحماهم من كلّ تجربة.
من عظة للقدّيس مكاريوس