«اِذهَبوا في العالَمِ كُلِّه، وأَعلِنوا البِشارَةَ إِلى الخَلْقِ أَجمَعين» «القوت اليومي
«اِذهَبوا في العالَمِ كُلِّه، وأَعلِنوا البِشارَةَ إِلى الخَلْقِ أَجمَعين»
إنّنا نشهد عند القدّيس مرقس على تحوّل رائع فعلاً: بعد استدعائه من قبل برنابا وبولس أثناء رحلتهما التبشيريّة الأولى، تركهما مرقس بسبب المخاطر وعاد إلى أورشليم (راجع أع 3: 13)... بعد ذلك، أصبح مساعدًا للقدّيس بطرس (راجع 1بط 5: 13).
فأثبت أنّه ليس مسيحيًّا حقيقيًّا فقط، بل أيضًا خادمًا عازمًا وأمينًا للإنجيل، وحتّى مؤسّسًا للكنيسة الأكثر تشدّدًا، كنيسة الإسكندريّة وفقًا للتقليد. يبدو أنّ أداة هذا التغيير كانت تأثير القدّيس بطرس الذي حوّل التلميذ الخجول والجبان إلى رسول.
عبر هذه القصّة، نتعلّم أنّ الأكثر ضعفًا يمكنه أن يحصل على القوّة من خلال نعمة الله. لذا، لا يجوز أن نضع ثقتنا بأنفسنا، ولا أن نحتقر أخًا لنا أظهر عن ضعف، ولا أن نفقد الأمل بشأنه، بل يجب أن نساعده للسير قدمًا نحو الأمام...
قصّة موسى تعطينا مثالاً عن مزاج متكبّر وعنيف روّضه الروح ليجعل منه "رجلاً متواضعًا جدًّا أكثر من جميع الناس" (عد 12: 3). أمّا قصّة مرقس، فهي تقدّم لنا نموذج تغيير نادرًا أكثر: الإنتقال من الخجل إلى الثقة التامّة. إن كان من الصعب ترويض المشاعر العنيفة، فثمّة صعوبة أكبر في التغلّب على ميول نحو الخوف واليأس، هذه القيود الصغيرة التي تشلّ بعض الناس...
فلنتأمّل عند القدّيس مرقس هذا التحوّل المدهش: "بالإيمان تغلّبوا على الضعف وصاروا أبطالاً" (عب 11: 34). بذلك، شهد مرقس على مواهب الروح الأكثر روعة بحسب عطاءات الأزمنة الأخيرة: "شدّوا أيديكم المسترخية ورُكبكم الضعيفة" (عب 12: 12).
الطوباويّ يوحنّا هنري نِيومَن (1801 - 1890)