الوصية الجديدة «القوت اليومي
الوصية الجديدة
«وَصِيَّةً جَديدَةً أُعْطِيكُم، أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُم بَعْضًا. أَجَل، أَنْ تُحِبُّوا بَعْضُكُم بَعْضًا كَمَا أَنَا أَحْبَبْتُكُم. بِهذَا يَعْرِفُ الجَمِيعُ أَنَّكُم تَلامِيذِي، إِنْ كَانَ فيكُم حُبُّ بَعْضِكُم لِبَعْض»(يو 13: 34 -35).
أن نكون تلاميذ الرّب يسوع هذا يعني أن نسير حتى هذا الهدف، أي أن نُحِبَّ الآخرين لدرجة تُدهِش العالم. ذلك ما نجده عند القدّيسين؛ أمّا عندنا فالحبّ دومًا له حدود وتحفّظ وتردّد واحتراس، حيث نظُنّ أنّها ضرورة لنا لكنّها ربّما تكون احتياطات بشريّة مُفرطة. يتميّز القدّيسون بجرأة خارقة؛ إنّهم يعلمون أنّ بإستطاعتهم الوصول الى هذا الحدّ. بالنسبة إلينا، إنّه لمِن الصعب جدًا في علاقاتنا ان نعرف ما هو المقياس الصائب الذي يجب أن يكون الحبّ على أساسه دائمًا. لكن حين يكبر الحبّ، فإنّ مقياس الحبّ يكبر أيضًا...
في الواقع، علينا أن ننظر مليًّا الى القدّيسين وهم الذين يتصرّفون بحسب حَمِيّة نور الربّ؛ فنرى أنّهم تميّزوا بتصرّفات متهوِّرة كفرنسيس الأسيزي وهو يقبّل الابرص والقديسة إليصابات المجريّة التي كانت تقبّل هي أيضًا جروحات البرص، وهنالك أمور كثيرة مشابهة وهي تهوّرات لا بل جنون؛ لكن علينا أن نوافق على تصرّفاتهم لأنَّ الربّ ساندهم كي يجتازوا اللهّب.
غالبًا ما نجد أن بين المسيحيّين كثير من العداوات والنّزاعات والصراعات السياسيّة أو الإقتصاديّة أو العاطفيّة حيث أنّها كلّها لم تشتعل بنار الحبّ! فنستمر أسيري شبكة علاقات نعتبر مصدرها العناية الإلهية، أم أنّ لا مفرّ منها غير أنّنا لسنا بعد أحرارًا.
علينا أن نبحث عن الحرّية الدّاخليّة بإندفاع أي أن نسير نحوها. وسوف يتّم في النهاية، فقط في النهاية، ذلك اللّقاء المُحَرِّر.
الكاردينال شارل جورنيه
(1891 - 1975)