المُثابَرَةُ دَوامُ النّعمَة «القوت اليومي
إنْ كُنْتَ خاليًا مِنْ فضيلَةِ المُثابَرَة، فلا تَنْتَظِرَنَّ أنْ تَحْصَلَ على عَزاءٍ حَقيقيٍّ في صَلاتِكَ. فإنَّ المُثابَرَةَ تَعْدِلُ العَمَل. نَلْتَمِسُ مِنَ اللهِ أحْيانًا ولا نَأخُذ. وإنَّهُ لَعَدْلٌ! لِأنَّنا نَطلُبُ بِلا صَبْرٍ ولا مُواظَبَةٍ على الصَّلاة، لا حَرارَةٍ ولا ثِقة. لا نُطَبِّقُ قولَهُ الصَّريح: الصَّارِخينَ إليهِ ليْلاً وَنهارًا!
بَلْ نَنْتَظِرُ أنْ يُعْطِيَنا مِنْ تَلْقاءِ ذاتِهِ. أمَّا هُوَ فيَنْتَظِرُ أنْ نُقدِّمَ لَهُ سَبَبًا وَوَسيلةً بِهِما يُعْطينا ما يَشْتاقُ أنْ يَمْنَحَنا إيَّاه. فيَتْرُكُنا وَضيقنا، يَتَأنَّى بِنا حتَّى نَقْرَعَ بابَهُ وَنُلِحَّ في السُّؤال. أمَّا نَحْنُ، فكثيرَةٌ لَدَيْنا وَسائِلُ النَّفْعِ وَالأخذ، غَيْرَ أنَّا يَأخُذُنا الوَنى وَنُهْمِلُ السُّؤَال، فنُمْنَحُ لِلفُتور!
يا بُنَيَّ، طُرُقُ الصًّلاةِ مُعَبَّدَة: خُرَّ على وَجْهِكَ ليلَ نَهار. تَضَرَّعْ إليهِ بِقلْبٍ كَئيبٍ حَزين. فالرَّبُّ رَحيمٌ، طيِّبٌ لا يُبْطِئُ أنْ يُعَزِّيَ وَيُساعِد، إذا كانَتْ مَسْألَتُكَ غَيْرَ بَعيدَةٍ أو خارِجَةً عَنِ الطَّريقِ المُوصِلِ إليه.
تَغْتَرِفُ مِنْ كَرَمِهِ جَميعَ أيَّامِ حَياتِكَ، ثُمَّ يَضيعُ مِنْكَ. فتَعودُ حَزينًا تَسْألُهُ فيُعْطيكَ. ثُمَّ يَسْرِقُ مِنْكَ فتَأخُذُ مِنْ جَديد. تُصادِفُ نِعْمَةً ما، فتَخالُ أنَّها نِهايَةُ سيرَتِكَ وَآخِرُ قصْدِكَ، ثُمَّ تَطلُبُها فما تَجِدُها. إفْهَمْ وَاعْلَمْ أنَّ هذا تَرْتيبُ الطَّريق، فلا تَضْجَرْ!
مار إسْحقَ السُّريانيّ (أواخر القرن السابع)