المَعْمُودِيَّةُ صورَةُ قيامَتِنا وَعُرْبُونُها «القوت اليومي
المَعْمُودِيَّةُ صورَةُ قيامَتِنا وَعُرْبُونُها
إنَّ آدمَ أساسُ حالَتِنَا القائِمَة. أمَّا حَياتُنا المُسْتَقبَلَة، فالمَسيحُ رَبُّنا أساسُها. فكما كانَ آدَمُ أوَّلَ إنْسانٍ مائِتٍ وأصْبَحَ الجَميعُ بَعْدَهُ أمْواتاً بِهِ، كذلكَ المَسيحُ هُوَ بِكْرُ القائِمينَ مِنَ المَوْت، وَقَدْ أعْطى بُذُورَ القِيامَةِ لِلآتينَ بَعْدَهُ. نَأتِي الحَياةَ المَنْظورَةَ بالوِلادَةِ الجَسَدِيَّة، فنَحْنُ كُلُّنا فاسِدُون أمَّا بالنَظَرِ إلى الحَياة ِ المُسْتَقْبَلَة، فَسَنَتَحَوَّلُ فيها بِقُوَّةِ الرُّوح القُدُس، وَنَقومُ بِغَيْرِ فَساد. وَلَأنَّ ذلِك الأمْرَ إلّا آنَئِذٍ لا يَتَحَقَّقُ، فَقَدْ أرادَ المَسيحُ رَبُّنا أنْ يَنْقُلَنا إلى هُناكَ بالرَمْز، فأعْطانا المَعْمودِيَّةَ والحَياةَ الجَديدةَ فيهِ. وَالوِلادَةُ الرُوحيَّةُ هذه، إنَّما هِيَ الصُورَةُ الحاضِرَةُ لِلقِيامَةِ والتَجْديدِ يَتَحَقَّقانِ فينا كامِلَيْن يَوْمَ نَعْبُرُ إلى تِلْكَ الحَياة.
فدُعِيَت ِ المَعْمُودِيَّةُ وِلادَةً ثانِيَة. وَقَدْ قالَ بولُس الرَسُول: أتَجْهَلونَ أنَّ كُلَّ مَنِ اصْطَبَغَ بِيَسوعَ المَسيح ِ اصْطَبَغَ بِمَوْتِهِ. بِالمَوْتِ دُفِنَّا مَعَهُ. وكَما أُقيمَ المَسيحُ مِنَ الأمْواتِ بِمَجْدِ الآب، كذلكَ تَكونُ حَالُنا في جِدَّةِ الحَياة. فإذا كُنّا قدْ غُرِسْنا مَعَهُ على شِبْهِ مَوْتِهِ فَعَلى شِبْهِ قيامَتِه نَكون (رومية6/ 3-5).
يَجْلو لَنا القِدِّيسُ بُولسُ أنَّ الوِلادَةَ بالمَعْمودِيَّةِ هِيَ صورَةُ القيامَةِ بَعْدَ المَوْت، القيامَةِ التي سَوْفَ تَتحَقَّقُ فينا بِقُوَّةِ الرُوح وِفْقَ الكَلِمَة: الزَّرْعُ بِفَسادٍ وَالقيامَةُ بِلا فساد. الزَّرْعُ بِهَوان ٍ والقيامَةُ بِمَجْد. الزَّرْعُ بِضُعْفٍ والقيامَةُ بِقُوَّة. يُزْرَعُ جَسَدٌ حَيَوانيٌ فَيَقومُ جَسَدٌ رُوحانِيّ (اكور 15/ 42-44). مَعْنى القوْل: كَما أنَّ جَسَدَنا، ما دامَتِ النَّفْسُ فيهِ، يَنْعَمُ بِحَياةٍ مَنْظورَة، كَذلِكَ سَوْفَ يَقْبَلُ هُناكَ الحَياة َ الأبَديَّة َ غَيْرَ الفاسِدَةِ بِقُوَّةِ الرُّوحِ القُدُس.
تِوُدُورُوسَ المِبْسُوِسْطِي (+428)
(شروح عن القديس يوحنا)