المَسيحُ والرّوحُ القُدُس «القوت اليومي
لَقَدْ كانَ الرُّوحُ القُدُسُ حاضِراً لَمَّا "مُسِحَ" بِهِ وَغَدا رَفيقَهُ المُلازِمَ لَهُ، وِفْقاً لِما هُوَ مَكْتوب: "إنَّ الذي تَرَى الرُوحَ يَنْزِلُ عليهِ وَيَسْتَقِرُّ هُوَ ابْني الحَبيـب" (يو1/33)، (لو3/22) و"يَسُوعُ النَاصِرِيُّ الذي مَسَحَهُ اللهُ بالرُوح ِ القُدُس" (اعمال 10/38). ثُمَّ إنَّ كامِلَ نَشاطِ المَسيح ِ قَدْ جَرَى في حَضْرَة ِ الرُوح ِ القُدُس.
فلقدْ كانَ حاضِراً، حتّى في الوَقْتِ الذي جَرَّبَهُ فيه ِ الثَّلّاب، لِأنَّهُ كُتِبَ: "أُخْرِجَ يَسوعُ إلى البَرِّيَّةِ مِنَ الرُّوح ِ لِيُجَرَّبَ مِنْ إبليسَ" (متى 4/1). وَلَقَدْ كانَ أيْضاً مُلازِماً لِيَسوعَ لمَّا كانَ يَجْتَرِحُ مُعْجِزاتِه، كَما يَتَّضِحُ ذلِكَ مِنْ قَوْلِه: " وإنْ كُنْتُ أنا بِروح ِ اللهِ أُخْرِجُ الشَياطِينَ..." (متى 12/28).
وَلَمْ يَتْرُكْهُ بَعْدَ قِيامَتِهِ مِنْ بينِ الأمْوات: لَمَّا أرادَ الرَّبُ أنْ يُجَدِّدَ الإنْسانَ وَيُعيدَ إليهِ النِعْمَةَ التي نالها مِنْ رُوح ِ اللهِ – لِأنَّهُ كانَ قدْ فَقَـدَها ــ وَلَمَّا نَفَخَ في وَجْهِ تَلاميذِهِ، ماذا قالَ لَهُمْ؟ "خُذوا الرُّوحَ القُدُس، مَنْ غَفَرْتُمْ خَطاياهُمْ تُغْفَرْ لَهُم، وَمَنْ أمْسَكْتُمْ خَطاياهُم، تُمْسَكْ لَهُمْ" (يو 20/22-23).
وتَنْظيمُ الكَنيسَة؟ أليْسَ حَقاً، وَبِدون ِ مُنازِع ٍ، عَمَلَ الرُّوح ِ القُدُس؟ ذلِكَ لِأنَّهُ، حَسَبَ قَوْل ِ القِدِّيسِ بولُس، هُوَ الذي أعْطى الكَنيسَةَ "أوَّلا ً رُسُلا، ثانياً أنْبياء، ثالِثاً مُعَلِّمين، ثُمَّ قَوَّات، ثُمَّ مَواهِبَ شِفاء، فإعانات، فَتَدابير، فَأنْواعَ ألسِنَة، فَتَرْجَماتِ ألسِنَة" (1 كور 12/28). فإنَّ الرُّوحَ القُدُسَ يُوَزّعُ هذا التَنْسيقَ حَسَبَ تَوْزيع ِ عَطاياه.
(كتاب الروح القدس، 16)
القِدِّيسِ باسيلِيُوسَ الكَبير (+379)